ولعلّ فائدة قوله (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) الإشارة إجمالا إلى أنّ مع عدم الأب الكل لها إن لم يكن غيرها ، وإلّا فالباقي بعد حصّة الغير مثل الزوج ، أو أنّ الحجب إنّما يكون معه أو إلى أنّهما وسائر الورثة قد لا يرثون مع ثبوت النسب ، بأن يكونوا أرقّاء أو قاتلين أو كفّارا أو غير ذلك ، مثل أن يكون هناك دين مستغرق على أنّه ما فهم صريحا وجود الأب من قبل حتّى يحتاج إلى النكتة لذكر (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) فتأمّل.
وقيل : إنّما ذكر (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) بعد أن علم لأنّ معناه وورثه أبواه فحسب وفيه ما مرّ على أنّه ينبغي حينئذ التصريح بنفي الغير إلّا ذكر ما هو المفروض ، وحذف ما لا بدّ منه مثل فحسب أو لا وارث غيرهما ونحو ذلك فتأمّل (١) وترك ذكر ما للأب لأنّه ليس بصاحب الفريضة حينئذ لا لأنّ الباقي له فتأمّل.
هذا إن لم يكن للامّ حاجب عن الثلث من الاخوة بقرينة قوله (فَإِنْ كانَ لَهُ) أي للميّت (إِخْوَةٌ) يحجبها عن الثلث إلى السدس (فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) فالإخوة تحجبها مع عدم كونهم ورثة بشروط الأوّل وجود الأب يدلّ عليه (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) الآية إذ التقدير إن لم يكن له ولد وورثه الأب والامّ فللأمّ الثلث إن لم يكن له إخوة فان كان له إخوة فلأمّه السدس ، والثاني كون الإخوة متعدّدة ولو كانا اثنين خلافا لابن عباس ، فإنّه ذهب إلى اشتراط الثلاث للفظ الجمع ، وقال أيضا إنّهم يأخذون السدس المحجوب عن الامّ فيشترط عنده كونهم وارثين وهما غير شرط عند غيره والأخير ظاهر ، ودليل الأوّل كأنّه الرواية والإجماع.
وقال في الكشّاف : الاخوة تفيد معنى الجمعيّة المطلقة بغير كميّة والتثنية
__________________
(١) فإن المضمون أن السدس لكل واحد واحد من أبوي الميت إن كان له ولد ، والثلث لامه إن لم يكن له ولد ، فذكر الأب لا بد منه ، فان كون الثلث لها مشروط بوجوده. وذكر الام بالتبع ، على أنه لا شك في ان المقصود من كل هذه العبارة وجود ذوي الفرض فلو ذكر وقيل لها الثلث مع وجودها مثلا فلا قصور نعم يمكن تركه لانه يفهم فذكره حسن كتركه فافهم منه رحمهالله.