والآخران فرض من كان أهله حاضري المسجد الحرام ، بأن يكون البعد بين أهله والمسجد الحرام أقل من ستّة عشر فرسخاً (١).
______________________________________________________
ثانيهما : صحيح حماد «في (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) قال : ما دون الأوقات إلى مكّة» (١).
ولكن حال هذين الخبرين حال خبر حريز من الطرح والسقوط ، لعدم العامل بهما ومخالفتهما للمتسالم عليه بين الأصحاب.
وأمّا المورد الثّاني : وهو أنّ الحد المذكور هل يلاحظ بين أهله ومكّة ، أو بين أهله والمسجد الحرام ، وجهان والصحيح هو الثّاني ، بيان ذلك : أنّ الظاهر من صحيحة زرارة المتقدِّمة (٢) المفسّرة للآية الشريفة المشتملة على ذكر المسجد الحرام كون العبرة في التحديد بالمسجد الحرام وأنّه هو المبدأ والمنتهى لا بلدة مكّة ، وكم فرق بينهما فإنّ بلدة مكّة واسعة جدّاً فتختلف المسافة قلّة وكثرة بلحاظ نفس المسجد أو بلدة مكّة كما أشرنا إليه في أوّل المسألة.
ولو شكّ في ذلك واحتمل أنّ التحديد باعتبار نفس البلدة باعتبار وجود المسجد الحرام فيها فتكون الرّواية مجملة ، لعدم ظهورها في كون التحديد بلحاظ المسجد أو البلد ، فاللّازم الاقتصار على المتيقن في الخروج عن العمومات المقتضية للتمتع على جميع المكلّفين ، وذلك يقتضي كون العبرة بنفس المسجد الحرام.
(١) يدل على ذلك نفس الآية الشريفة (... ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ... لعود الضمير إلى التمتّع المذكور في صدر الآية ، فإذا لم يكن التمتّع وظيفة للقريب فطبعاً تكون وظيفته الإفراد أو القِران.
ويدلُّ عليه أيضاً النصوص المستفيضة النافية للمتعة عن أهل مكّة وعمّن بعد عن مكّة دون ثمانية وأربعين ميلاً كصحيحة زرارة المتقدّمة (٣) المفسّرة للآية الشريفة
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٦٠ / أبواب أقسام الحجّ ب ٦ ح ٥.
(٢) في ص ١٦٨.
(٣) في ص ١٦٨.