نعم ، إذا تصرّف فيه ببيع أو هبة أو عتق أو غير ذلك حكم بصحّة التصرّف وإن كان آثماً بتفويته الاستطاعة (١).
______________________________________________________
تنجّز الوجوب عليه بمجرّد حصول الاستطاعة من الزاد والرّاحلة وتخلية السرب وصحّة البدن ، من دون فرق بين حصولها في أشهر الحجّ أو قبلها أو قبل خروج الرفقة أو قبل التمكّن من المسير أو بعده ، فمتى حصلت الاستطاعة يتنجز الواجب عليه ، وأشهر الحجّ إنّما هو ظرف للواجب لا للوجوب ، فالوجوب المستفاد من الأدلّة غير محدّد بوقت خاص ، ولذا لو استطاع قبل أشهر الحجّ وفرضنا أنّه لا يتمكّن من الوصول إلى الحجّ لو سافر في شهر شوال لبعد المسافة كما في الأزمنة السابقة بالنسبة إلى البلاد البعيدة يجب عليه السفر في زمان يمكنه الوصول إلى الحجّ ولو في شهر رجب أو قبله ، فلا عبرة بأشهر الحجّ ولا بغير ذلك ممّا ذكروه.
(١) لما ذكرنا في الأُصول أنّ النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد (١) ، وحاصل ما ذكرنا هناك : أنّ المعاملات كالبيع مثلاً مركبة من أُمور ثلاثة لا رابع لها ، وهي الاعتبار الشرعي أو العقلائي ، والمبرز بالكسر والمبزر بالفتح أي اعتبار نفس البائع.
أمّا الاعتبار الشرعي أو العقلائي فلا يعقل تعلّق النهي به ، لأنّه خارج عن تحت اختيار البائع أو المشتري ، إذ ليس ذلك بفعله وإنّما هو فعل الشارع ، فما يصح تعلّق النهي به إمّا المبرز بالكسر أو المبرز بالفتح ومجرّد النهي عن أحدهما أو كليهما لا يقتضي الفساد ، بل أقصاه دلالته على المبغوضية ، ولا ينافي ذلك ترتب أثر البيع عليه ، فإنّه من قبيل غسل الثوب بالماء المغصوب ، فإنّه وإن كان محرّماً ولكن يطهر الثوب به جزماً.
نعم ، لو تعلّق النهي بنفس عنوان البيع إرشاداً إلى الفساد كالنهي عن بيع ما ليس عنده أو النهي عن بيع الغرر ، فيدل على الفساد لا لأجل الحرمة والمبغوضيّة بل للإرشاد إلى الفساد ، ولذا قد تكون المعاملة جائزة ومع ذلك يحكم عليها بالفساد.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٣٦.