.................................................................................................
______________________________________________________
(... وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (١). ومن ثمّ وقع الكلام في التوفيق بين الطائفتين المتعارضتين.
ويمكن الجمع بينهما بوجوه :
الأوّل : حمل الطائفة الثّانية على الاستحباب كما عن الشيخ (٢) (قدس سره).
وفيه : أنّه ينافيه قوله : «فرض الحجّ على أهل الجدة في كلّ عام» خصوصاً مع استشهاده (عليه السلام) بالآية الكريمة.
الوجه الثّاني : حملها على الوجوب البدلي ، بمعنى وجوب الحجّ عليه في العام الأوّل فإن تركه يجب عليه في العام الثّاني وهكذا.
وفيه : أنّ الوجوب البدلي بهذا المعنى ممّا يقتضيه طبع كلّ واجب ولا يحتاج إلى أن يبيّنه الإمام (عليه السلام) فإنّ الواجب يجب الإتيان به متى أمكن ، فإن عصى ولم يأت به في الآن الأوّل يجب امتثاله في الآن الثّاني وهكذا ، والعصيان في الزمان الأوّل لا يوجب سقوط الوجوب ولزوم الإتيان به في الزمان الثّاني.
الوجه الثّالث : ما ذكره صاحب الوسائل من حمل الوجوب على الوجوب الكفائي بمعنى أنّه يجب الحجّ على كلّ أحد في كلّ عام على نحو الوجوب الكفائي (٣).
والجواب عنه : أنّه لا يجتمع ذلك مع ظهور الروايات في الوجوب العيني ، مضافاً إلى أنّ الالتزام بالوجوب الكفائي يتوقف على تعطيل الكعبة ، وأمّا إذا فرض عدم تعطيلها ولا أقل من أداء أهل مكّة الحجّ فلا موجب للوجوب الكفائي على سائر المكلّفين.
فالصحيح أن يقال في وجه الجمع : إنّ هذه الطائفة من الروايات ناظرة إلى ما كان يصنعه أهل الجاهليّة ، فإنّهم كانوا لا يحجّون في بعض السنين القمريّة ، وكانوا يعدّون الأشهر بالحساب الشمسي ويؤخِّرون الأشهر عمّا رتّبها الله تعالى ، وإلى ذلك يشير
__________________
(١) الوسائل ١١ : ١٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ١.
(٢) الإستبصار ٢ : ١٤٩.
(٣) الوسائل ١١ : ١٨ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢.