لكن إذا رجع بعد الدخول في الإحرام وجب على المبذول له إتمام الحجّ إذا كان مستطيعاً فعلاً (١) وعلى الباذل ضمان ما صرفه للإتمام (٢).
______________________________________________________
وهو ممنوع لأنّ الاستطاعة شرط في وجوب الحجّ حدوثاً وبقاءً ، فإذا ارتفعت الاستطاعة بعد الإحرام كما إذا فقد ماله أو رجع الباذل عن إذنه وامتنع من الإنفاق انكشف أنّه غير مستطيع من أوّل الأمر فلا يجب عليه الحجّ ، وإذا لم يكن واجباً عليه لا يجب عليه الإتمام ، والمفروض أنّه لم يأت به ندباً حتّى يتمّه ، وإنّما دخل في الإحرام بعنوان أنّه مستطيع وبعنوان حجّة الإسلام ، ثمّ انكشف أنّه لم يكن ثابتاً عليه ، وأمّا إتمام العمل لا بعنوان حجّ الإسلام فأمر يحتاج إلى دليل وهو مفقود ، فله رفع اليد عن إحرامه والرّجوع إلى بلاده.
وثانياً : لو فرضنا وجوب الإتمام على المبذول له فإنّما هو وجوب مخاطب به نفس المبذول له ، وذلك لا يرتبط بالباذل ولا يوجب استمرار البذل على الباذل وصرف المال من كيسه على ذلك الرّجل بعد أن رجع عن إذنه ، فالصحيح جواز الرّجوع للباذل عن بذله قبل الإحرام وبعده.
وأمّا تنظير المقام بباب الإذن في الصّلاة ، ففيه : أنّ الكلام في المقيس عليه ، لأنّ عدم جواز رجوع المالك عن إذنه في الصّلاة يتوقّف على وجوب إتمامها وحرمة قطعها على الإطلاق وهو أوّل الكلام ، إذ لا دليل على حرمة قطع الصلاة سوى الإجماع والقدر المتيقّن منه غير هذا المورد ، فحينئذ إذا رجع المالك عن إذنه كان بقاء الرّجل ومكثه في الدار غصباً ومعه تبطل الصلاة.
(١) لحصول الاستطاعة الملفّقة من البذلية والملكية ، وقد عرفت الاكتفاء بذلك في ثبوت الوجوب.
(٢) لأنّ الإذن في الإحرام إذن في الإتمام ، فإنّ الإذن في الشيء إذن في لوازمه لقيام السيرة العقلائيّة على أنّ كلّ عمل يقع بأمر الغير وإذنه يقع مضموناً عليه ، ولكن ثبوت الضمان عليه لا ينافي جواز رجوع الباذل عن بذله ، فإنّ ضمان العمل شيء وعدم