الفرديّ ، فما لم يتلبّس بالوجود الخارجيّ لم يتمّ ولم يكن له شيء من الشؤون الوجوديّة ، فما معنى عدُّ الفصل علّةً له؟
قيل (١) : المراد بتحصّله بالفصل ثبوتُه التعقّليّ وكينونته ماهيّةً تامّةً نوعيّةً ، والذي يكتسبه بالوجود الفرديّ هو تحقُّقُ الماهيّة التامّة تحقّقاً تترتّب عليه الآثار الخارجيّة.
فالذي يفيده الفصل هو تحصّل الماهيّة المبهمة الجنسيّة وصيرورتها ماهيّةً نوعيّةً تامّةً ، والذي يفيده الوجود الفرديّ هو تحصّل الماهيّة التامّة وصيرورتها حقيقةً خارجيّةً تترتب عليها الآثار.
فتبيّن بما مرّ :
أولا : أنّ الجنس هو النوع مبهماً ، والفصل هو النوع محصّلا ، والنوع هو الماهيّة التامّة من غير نظر إلى إبهام أو تحصّل.
وثانياً : أنّ كلا من الجنس والفصل محمولٌ على النوع حملا أوّليّاً؛ وأمّا النسبة بين الجنس والفصل أنفسهما فالجنس عرضٌ عامٌّ للفصل والفصل خاصّةٌ للجنس ، والحمل بينهما حملٌ شائعٌ.
وثالثاً : أنّ من الممتنع تحقٌّق أكثر من جنس واحد في مرتبة واحدة في ماهيّة نوعيّة واحدة (٢) ، وكذا تحقُّق أكثر من فصل واحد في مرتبة واحدة في ماهيّة نوعيّة واحدة (٣) ، لاستلزمه كونَ الواحد بعينه كثيراً ، وهو محال.
ورابعاً : أنّ الجنس والمادّة متّحدان ذاتاً ومختلفان اعتباراً ، فالمادّة إذا اُخذت لا بشرط كانت «جنساً» ، والجنس إذا اُخذ بشرط لا كان «مادّة». وكذلك الفصل والصورة متّحدان ذاتاً ومختلفان اعتباراً ، فالفصل بشرطِ لا صورةُ ، كما أنّ الصورة
__________________
(١) كما يستفاد ممّا ذكره قطب الدين الراونديّ في شرح المطالع ص ٩٢ ، حيث قال : «ثمّ ليس مراده أنّ الفصل علّة لوجود الجنس ...».
(٢) راجع كشف المراد ص ٩٤ ـ ٩٥.
(٣) راجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٧١. وقال الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة ص ١٠٠ :
وليس فصلان ولا جنسان في |
|
مرتبة لواحدِها تعرف |