واحدة (١). وقد عدّوا المسألة ضروريّة (٢).
ويمتاز المركّب الحقيقيّ من غيره بالوحدة الحقيقيّة. وذلك بأن يحصل من تألُّف الأجزاء أمرٌ آخر وراءَها له أثرٌ جديدٌ خاصٌّ وراءَ آثار الأجزاء ، لا مثل المركّبات الإعتباريّة التي لا أثر لها وراءَ آثار الأجزاء ، كالعسكر المركّب من أفراد ، والبيت المركّب من اللبن والجصّ وغيرها.
ومن هنا يترجّح القول بأنّ التركيب بين المادّة والصورة تركيبٌ إتحاديٌ لا إنضماميٌ ـ كما سيأتي إن شاء الله (٣) ـ.
ثمّ إنّ الماهيّات النوعيّة منها ما هو كثيرُ الأفراد كالأنواع التي لها تعلُّقٌ مّا بالمادّة ، كالعنصر ، وكالإنسان.
ومنها ما هو منحصرٌ في فرد ، كالنوع المجرّد عن المادّة ذاتاً وفعلا وهو العقل.
وذلك أنّ الكثرة إمّا أن تكون تمامَ ذات الماهيّة النوعيّة أو بعضَها أو خارجةً منها لازمةً أو مفارقةً؛ وعلى التقادير الثلاثة الاُوَل يمتنع أن يتحقّق لها فرد ، إذ كلّ ما فرض فرداً لها وجب كونه كثيراً ، وكلّ كثير مؤلَّفٌ من آحاد ، وكلُ واحد مفروض يجب أن يكون كثيراً ، وكلّ كثير فإنّه مؤلَّف من آحاد وهكذا ، فيذهب الأمر إلى غير النهاية ، ولا ينتهي إلى واحد ، فلا يتحقّق الواحد ، فلا يتحقّق لها فرد ، وقد فرض كثيرُ الأفراد ، وهذا خلفٌ؛ وعلى التقدير الرابع ، كانت الكثرة بعَرَض مفارق يعرض النوع تتحقّق بانضمامه إليه وعدم انضمامه الكثرةُ ، وكلٌّ عرض مفارق يتوقّف عرْضُهُ على سبق إمكان حامله المادّة ، فيكون النوع مادّياً بالضرورة ، فكلّ نوع كثيرُ الافراد فهو مادّيٌّ ، وينعكس بعكسِ النقيض إلى أنّ كلّ نوع مجرّد فهو منحصرٌ في فرد ، وهو المطلوب.
__________________
(١) وحدةً حقيقيّة كالإنسان ، لا وحدة اعتباريّة كالعشرة.
(٢) راجع شرح المقاصد ج ١ ص ١٠٤ ، وشرح المواقف ص ١١٩ ، وشرح المنظومة ص ١٠٤ ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ٥٦.
(٣) راجع الفصل الرابع عشر من المرحلة الثامنة.