مقولةٌ هي أعمّ من الجميع أو أعمّ من البعض (١).
وأمّا مفهوم الماهيّة والشيء والموجود وأمثالها الصادقة على العشر جميعاً ، ومفهوم العرض والهيئة والحال الصادقة على التسع غيرُ الجوهر ، والهيئة النسبيّة الصادقة على السبع الأخيرة المسمّاة بالأعراض النسبيّة ، فهي مفاهيم عامّةٌ منتزعةٌ من نحو وجودها خارجةٌ من سنخ الماهيّة.
فماهيّة الشيء هو ذاته المقول عليه في جواب ما هو ، ولا هويّة إلاّ للشيء الموجود ، وشيئيّة الشيء موجودٌ ، فلا شيئيّةَ لما ليس بموجود ، وعرضيّةُ الشيء كونُ وجودِهِ قائماً بالغير ، وقريبٌ منه كونه هيئةً وحالا؛ ونسبيّة الشيء كونُ وجوده في غيره غيرُ خارج من وجود الغير.
فهذه مفاهيم منتزعةٌ من نحو الوجود محمولةٌ على أكثر من مقولة واحدة ، فليست من المقولات كما تقدّم (٢).
وعن بعضهم (٣) : «أنّ المقولات أربع ، بإرجاع المقولات النسبيّة إلى مقولة واحدة ، فهي الجوهر والكم والكيف والنسبة».
ويدفعه ما تقدّم (٤) [من] أنّ النسبة مفهومٌ غيرُ ماهويٍّ منتزعٌ من نحو الوجود ، ولو كفى مجرّد عموم المفهوم في جَعْلِهِ مقولةً فليُرَدُّ المقولات إلى مقولتين : «الجوهر والعرض» (٥) ، لصِدْق مفهوم العرض على غير الجوهر من المقولات ، بل إلى مقولة واحدة هي الماهيّة أو الشيء
__________________
(١) راجع مقدمة الفصل الخامس من المقصد الثاني من شوارق الإلهام ، والفصل الأوّل والثالث والرابع والخامس من المقالة الثانية من الفن الثاني من منطق الشفاء.
(٢) في السطور السابقة.
(٣) قيل : «هو عمر بن سهلان الساوجيّ (الساويّ) صاحب البصائر النصيرية» ، فراجع شرح الهداية الأثيريّة لصدر المتألّهين ٢٦٤ ، وشرح المنظومة ص ١٣٧. وقال الإيجيّ في المواقف : «وقد احتجّ ابن سينا على الحصر بما خلاصته أنّه ينقسم إلى كم وكيف ونسبة كما مرّ ، وغيرها الجوهر» إنتهى كلامه على ما في شرح المواقف ص ١٩٥.
(٤) في السطور السابقة.
(٥) قال الشيخ الإشراقيّ في المطارحات ص ٢٨٤ : «ويكفي تقسيم الماهيّات إلى جوهر وهيئة». وقال السيّد الداماد في القبسات ص ٤٠ : «فإذن المقولات الجائزات جنسان أقصيان ...».