إذا وجدَتْ في الخارج وجدَتْ في موضوع مستغن عنها ، تعريفٌ بوصف لازم لوجود المقولات التسع العرضيّة وليس من الحدّ في شيء.
والتعريف تعريفٌ جامعٌ مانعٌ ، وإن لم يكن حدّاً ، فقولنا : «ماهيّة» يشمل عامّة الماهيّات ويخرج به الواجب بالذات حيث كان وجوداً صرفاً لا ماهيّة له؛ وتقييد الماهيّة بقولنا : «إذا وجدَتْ في الخارج» ، للدلالة على أنّ التعريف لماهيّة الجوهر الذي هو جوهر بالحمل الشائع ، إذ لو لم يتحقّق المفهوم بالوجود الخارجيّ لم يكن ماهيّةً حقيقيّةً لها آثارها الحقيقيّة ، ويخرج بذلك الجواهر الذهنيّة التي هي جواهر بالحمل الأوّليّ عن التعريف ، فإنّ صدْقَ المفهوم على نفسه حملٌ أوّليٌّ لا يوجب اندراج المفهوم تحت نفسه؛ وتقييد الموضوع بـ «كونه مستغنياً عنها» ، للإشارة إلى تعريف الموضوع بصفته اللازمة له ، وهو أن يكون قائماً بنفسه ـ أي موجوداً لنفسه ـ ، فالجوهر موجود لا في موضوع ـ أي ليس وجوده لغيره كالأعراض ، بل لنفسه ـ.
وأمّا ما قيل (١) : إنّ التقييد بالاستغناء لادخال الصور الجوهريّة الحالّة في المادّة في التعريف ، فإنّها وإن وجدَتْ في الموضوع ، لكنّ موضوعها غير مستغن عنها ، بل مفتقرةٌ اليها.
ففيه : أنّ الحقّ أنّ الصور الجوهريّة ماهيّات بسيطة غير مندرجة تحت مقولة الجوهر ، ولا مجنّسة بجنس ـ كما تقدّمت الإشارة إليه في مرحلة الماهيّة (٢) ـ.
__________________
الجوهر». وقال الآمليّ في درر الفوائد ص ٣٨٨ : «إنّما عبّر بالرسم دون الحدّ ، لأنّ الجوهر الجنسيّ الذي هو من الأجناس العالية لاحدّ له ، لأنّ الحدّ مشتملٌ على جنس الشيء وفصله ، والأجناس العالية لا جنس لها ، وإلاّ لم يكن أجناساً عاليةً ، وما لا جنس له لا فصل له».
(١) والقائل هو محمّد تقيّ الآملي في درر الفوائد ص ٣٨٩ ، حيث قال : «الجوهر هو الماهيّة التي حقّ وجودها العيني أن لا يكون في موضوع ـ أي في محلٍّ ـ مستغن عن الحالّ فيه ، وإن كان في المحلّ أي في محلٍّ مفتقر ذاك المحلّ إلى هذا الحالّ كالصورة الحالّة في الهيولى حيثُ إنّها مع حلولها في الهيولى جوهرٌ ، إذ ليست حالةّ في محلٍّ مستغني عنها».
(٢) في الفصل السادس من المرحلة الخامسة.