ففيه : أنّ لازِمَه وقوفُ القسمةِ العقليّةِ ، وهو ضروريُّ البطلان.
وأمّا القول الخامس المنسوب إلى أفلاطون ، وهو كونُ الجسم جوهراً بسيطاً وهو الاتّصال الجوهريّ القابل للقسمة إلى غير النهاية.
ففيه : منعُ كونِ الجسم بسيطاً ، لما سيوافيك من إثبات الهيولى للجسم (١) ، على أنّ في كون الاتّصال الجوهريّ الذي للجسم هو ما يناله الحسّ من الأجسام المحسوسة كلاماً سيأتي إن شاء الله (٢).
وأمّا القول السادس المنسوب إلى شيخ الإشراق ، وهو : كونُ الجسم مركّباً من جوهر وعرض ، وهما المادّة والجسم التعليميّ الذي هو من أنواع الكمّ المتّصل.
ففيه : أوّلا : أنّ لا معنى لتقويم العرض للجوهر مع ما فيه مِنْ تألُّفِ ماهيّة حقيقيّة من مقولتَيْن ، وهما الجوهر والكم ، والمقولات متباينةٌ بتمام الذات.
وثانياً : أنّ الكم عرضٌ محتاجٌ إلى الموضوع حيثما كان ، فهذا الإمتداد المقداريّ الذي يتعيّن به طولُ الجسم وعرضُه وعمقُه كمٌّ محتاجٌ إلى موضوع يحلّ فيه ، ولولا أنّ في موضوعه إتّصالا مّا يقبل أن يوصف بالتعيّن لم يعرضه ولم يحلّ فيه ، فلو أخذنا مقداراً من شمعة وسوّيناها كرةً ثمّ اُسطوانيّاً ثمّ مخروطاً ثمّ مكعّباً وهكذا ، وجدنا الأشكال متغيّرةً متبدّلةً ، وللشمعة اتّصالٌ باق محفوظٌ في الأشكال المختلفة المتبدّلة.
فهناك اتّصالان : اتّصالٌ مبهمٌ غيرُ متعيّن في نفسه ، لولاه لم يكن شمعةً واتّصالٌ وامتدادٌ متعيّنٌ لو بطل لم يبطل به جسم الشمعة.
والأوّل هو صورة الجسم ، والثاني عرضٌ يعرض الجسم ، والانقسام يعرض الجسم من حيث عَرَضَه هذا ، وأمّا من حيث اتّصاله الذاتيّ المبهم فله إمكانُ أن يفرض فيه أبعاد ثلاثة.
قال الشيخ في الشفاء : «فالجسميّة بالحقيقة صورةُ الإتّصال القابل لما قلناه من فرض الأبعاد الثلاثة ، وهذا المعنى غير المقدار وغير الجسميّة التعليميّة ، فإنّ
__________________
(١) في الفصل التالي.
(٢) في آخر هذا الفصل ، حيث قال : «لا حجّة تدلّ على كون الجسم في اتصاله كما هو عليه عند الحس ، فخطأ الحسّ غير مأمون».