هذا الجسم من حيث له هذه الصورة لا يخالف جسماً آخر بأنّه أكبر أو أصغر ، ولا يناسبه بأنّه مساو أو معدودٌ به أو عادٌّ له أو مشاركٌ أو مباينٌ ، وإنّما ذلك له من حيث هو مقدَّر ، ومن حيث جزء منه يعدّه ، وهذا الاعتبار غير اعتبار الجسميّة التي ذكرناها» (١) ، إنتهى.
وبالجملة فأخْذُ الإمتداد الكمّيّ العرضيّ في ماهيّة الجوهر ـ على ما فيه من الفساد ـ خلطٌ بين الإتّصال الجوهريّ والإمتداد العرضيّ الذي هو الجسم التعليميّ.
وأمّا القول السابع المنسوب إلى أرسطو ، وهو تركُّبُ الجسم من الهيولى والصورة الجسميّة ، وهي الاتّصال الجوهريّ على ما عند الحس ، وهو كون الشيء بحيث يمكن أن يفرض فيه امتدادات ثلاثة متقاطعة على قوائم تقبل القسمةَ إلى أجزاء غير متناهية.
أمّا الهيولى فسيجيء إثباتها (٢) ، وأمّا الصورة الجسمية التي هي الإتّصال فقد تقدّم توضيحه.
ففيه : أنّ كون الجسم مركّباً من مادّة واتّصال جوهريّ يقبل القسمةَ إلى غير النهاية ، لا غبارَ عليه ، لكن لا حجّة تدلّ على كون الجسم في اتّصاله كما هو عليه عند الحسّ ، فخطأ الحسّ غير مأمون.
وقد اكتشف علماء الطبيعية أخيراً بعد تجارُب دقيقة فنّية أنّ الأجسام مؤلَّفة من أجزاء ذَرّيّة لا تخلو من جرم ، بينها من الفواصل أضعافٌ مّا لأجرامها من الإمتداد ، فلينطبق هذا القول على ما اكتشفوه من الأجسام الذَرّية التي هي مبادئ تكوُّن الأجسام المحسوسة ، وليكن وجود الجسم بهذا المعنى أصلا موضوعاً لنا.
نعم ، لو سلّم ما يقال : «إنّ المادّة ـ يعنون بها الأجسام الذَرّية الاُوَل ـ قابلةُ التبدّل إلى الطاقة وإنّها مجموعة من ذَرّات الطاقة المتراكمة» ، كان من الواجب في البحث الحكميّ أخْذُ الطاقة نوعاً عالياً مترتّباً على الجوهر قبل الجسم ثمّ ترتيب
__________________
(١) راجع الفصل الثاني من المقالة الثانية من إلهيات الشفاء. وتعرّض له صدر المتألّهين في الأسفار ج ٥ ص ٢١.
(٢) في الفصل التالي.