فمن سخيف القول ما قال بعضهم (١) : «إنّ الوجود مشتركٌ لفظيّ ، وهو في كلّ ماهيّة يُحمل عليها بمعنى تلك الماهيّة».
ويرُدُّه لزومُ سقوط الفائدة في الهليّات البسيطة مطلقاً (٢) ، كقولنا : «الواجب موجود» و «الممكن موجود» و «الجوهر موجود» ، و «العرض موجود».
على أنّ من الجائز أن يتردّد بين وجود الشيء وعدمه مع العلم بماهيّته ومعناه (٣) ، كقولنا : «هل الإتّفاق موجودٌ أو لا؟».
وكذا التردّد في ماهيّة الشيء مع الجزم بوجوده ، كقولنا : «هل النفس الإنسانيّة الموجودة جوهرٌ أو عرضٌ؟» والتردّد في أحد شيئين مع الجزم بالآخر يقضي بمغايرتهما.
ونظيره في السخافة ما نُسِبَ إلى بعضهم (٤) : «أنّ مفهوم الوجود مشتركٌ لفظيٌّ بينَ الواجب والممكن».
__________________
ج ١ ص ٣٥. واعترف كثيرٌ من المحقّقين بأنّ كون مفهوم الوجود مشتركاً بين الماهيات بديهيٌّ ، ثمّ استدلّوا عليه تنبيهاً ، فراجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٨ ـ ٢٢ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ٦١ ـ ٦٢ ، وشرح المواقف ص ٩٠ ـ ٩٢ ، وقواعد المرام ص ٣٩ ، وكشف المراد ص ٢٤.
(١) وهو أبو الحسن الأشعريّ وأبو الحسين البصريّ على ما في شرح المواقف ص ٩٢ ، وشرح المنظومة ص ١٦ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ٦١ ، وإرشاد الطالبين ص ٢٠.
(٢) والوجه في سقوطها ما قال الرّازيّ في المباحث المشرقية ج ١ ص ٢٣ ، إليك نصّ عبارته : «لكان قول القائل : (الجوهر موجودٌ) مثل قوله : (الجوهر جوهرٌ) وبالجملة لا يكون الحمل والوضع هاهنا إلاّ في اللفظ ، ولمّا لم يكن كذلك علمنا إنّ الوجود مغايرٌ للجوهريّة» ـ إنتهى كلامه. وقس عليه أمثلة اُخرى.
(٣) كذا في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٢٥ حيث قال : «إنّه يصحّ منّا أن نعقل الماهية ونشكّ في وجودها ، والمشكوك ليس نفس المعلوم ولا داخلا فيه» ـ إنتهى كلامه.
(٤) وهو الكشّي وأتباعه على ما في شرح المواقف ص ٩٢ حيث قال : «وهاهنا مذهبٌ ثالث نُقِلَ عن الكشّي وأتباعه ، وهو : أنّ الوجود مشترك لفظاً بين الواجب والممكن ، ومشتركٌ معنىً بين الممكنات كلّها. وهذا لسخافته لم يلتفت المصنّف إليه».