الواجب لذاته والجوهر ، وبقيد «عدم قبول القسمة» الكمّ ، وبقيد «عدم قبول النسبة» المقولات السبع النسبيّة ، ويدخل بقيد «لذاته» ما تعرضه قسمةٌ أو نسبةٌ بالعرض.
قال صدر المتألّهين : «المقولات لَمّا كانت أجناساً عاليةً ليس فوقها جنسٌ ، لم يمكن أن يورد لها حدّ ، ولذلك كان ما يورد لها من التعريفات رسوماً ناقصةً يكتفي فيها بذكر الخواصّ لإفادة التمييز ، ولم يظفر في الكيف بخاصّة لازمة شاملة إلاّ المركّب من العرضيّة والمغايرة للكمّ والأعراض النسبيّة ، فعُرِّف بما محصّله : (أنّه عرضٌ يغاير الكم والأعراض النسبيّة).
لكنّ هذا التعريف تعريفٌ للشيء بما يساويه في المعرفة والجهالة ، لأنّ الأجناس العالية ليس بعضها أجلى من البعض ، ولو جاز ذلك لجاز مثله في سائر المقولات ، بل ذلك أولى ، لأنّ الاُمور النسبيّة لا تعرف إلاّ بعد معروضاتها التي هي الكيفيّات ، فعدلوا عن ذكر كلّ من الكمّ والأعراض النسبيّة إلى ذكر الخاصّة التي هي أجلى» (١) ـ إنتهى ملخّصاً.
وينقسم الكيف إنقساماً أوّلياً إلى أربعة أقسام كلّيّة هي : الكيفيّات المحسوسة ، والنفسانيّة ، والمختصّة بالكميّات ، والاستعداديّة.
وتعويلهم في حصرها في الأربعة
__________________
المنظومة ص ١٣٩. والمشهور أنّ الكيفيّة هيئةٌ قارّةٌ لا يوجب تصوّرُها تصوّرَ شيء خارج عنها وعن حاملها ، ولا يقتضى قسمة ولا نسبة. راجع تعليقة صدر المتألّهين على الشفاء ص ١٢١. وزاد في الأسفار ج ٤ ص ٥٩ ـ كما في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٢٥٧ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ٢٠٠ ، والتحصيل ص ٣٩٣ ـ قولَه : «في أجزاء حاملها».
والرازيّ أورد على هذا التعريف ، ثمّ قال : «ولعلّ الأقرب أن يقال : الكيف هو العرض الذي لا يتوقّف تصوُّرُه على تصوّر غيره ولا يقتضي القسمة واللاقسمة في محلّه اقتضاءً أوّلياً» ، راجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٢٦١.
وقال الشيخ الرئيس في الفصل الأوّل من المقالة الخامسة من الفن الثاني من منطق الشفاء : «إنّ الكيفيّة هي كلّ هيئة قارّة في الموصوف بها ، لا توجب تقديره أو لا تقتضيه ، ويصلح تصوّرها من غير أن يحوج فيها إلى التفات إلى نسبة تكون إلى غير تلك الهيئة». وقال في عيون الحكمة : «هو كلّ هيئة غير الكميّة مستقرّة لا نسبة فيها». ثمّ الرازيّ أورد عليه ، فراجع شرح عيون الحكمة ج ١ ص ١٠٨ ـ ١١٠.
(١) راجع الأسفار ج ٤ ص ٥٨ ـ ٥٩.