ولا الحدود المحيطة به ، ولا المجموعَ ، بل الهيئة الحاصلة من سطح أو جسم أحاط به حدودٌ خاصّةٌ.
والزاوية هي الهيئة الحاصلة من إحاطة حدّين أو حدود متلاقية في حدٍّ إحاطةً غيرَ تامّة ، كالزاويةِ المسطَّحة من إحاطة خطَّيْن متلاقيَيْن في نقطة ، والزاويةِ المجسَّمة الحاصلة من إحاطة سطح المخروط المنتهى إلى نقطة الرأس ، وزاوية المكعَّب المحيط بها سطوح ثلاثة.
والكلام في كون الزاوية كيفاً لا كمّاً ، نظير ما مرّ من الكلام في كون الشكل من مقولة الكيف.
وجوّز الشيخ (١) كون الهيئة الحاصلة من إحاطة السطحَيْن ـ من المكعَّب مثلا ـ المتلاقيَينْن في خطٍّ زاويةً ، لانطباق خواصّ الزاوية عليها.
وأمّا القسم الثاني : فالاستقامة في الخطّ ، وتُقابِلُها الاستدارةُ من مقولة الكيف دون الكمّ ، وبينهما تخالفٌ نوعيٌّ (٢).
أمّا أنّهما من مقولة الكيف ، فلأنّا نعقل مفهومَي الاستقامة والاستدارة ، وهما مفهومان ضروريّان ، ولا نجد فيهما معنى قبول الانقسام وإن كان لا يفارقان ذلك وجوداً لعروضهما للكمّ ، ولو كان قبولُ الانقسام جزءاً من حدَّيْهما أو من أعْرِف خواصّهما لم يخل عنه تعقّلهما.
وأمّا كونهما نوعَيْن متخالفَيْن متباينَيْن ، فلأنّهما لو كانا نوعاً واحداً كان ما يوجد فيهما من التخالف عرضيّاً غيرَ جزء للذات ولا لازماً لها ، فكان من الجائز عند العقل أن يزول وَصْفُ الاستقامة عن الخطّ المستقيم ويبقى أصلُ الخط ثمّ يوصف بالاستدارة ، لكنّ ذلك محالٌ ، لأنّ الخطَّ نهايةُ السطح كما أنّ السطحَ نهايةُ الجسم ، ولا يمكن أن يتغيّر حال النهاية إلاّ بعدَ تغيُّرِ حالِ ذي النهاية ، فلو لم يتغيّر
__________________
(١) في الفصل الثاني من المقالة السادسة من الفن الثاني من منطق الشفاء.
(٢) راجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٤١٩ ، والأسفار ج ٤ ص ١٦٨ ـ ١٦٩.