لأنواعها الخاصّة بها ـ أنّها استعدادٌ شديدٌ جسمانيٌّ نحو أمر خارج بمعنى أنّه الذي يُترجّح به حدوثُ أمر من خارج.
ولها نوعان : (أحدهما) الاستعداد الشديد على أن ينفعل ، كالممراضيّة (١) واللين.
و (الثاني) الاستعداد الشديد على أن لا ينفعل ، كالمصحاحيّة (٢) والصلابة.
وألْحَقَ بعضهم (٣) بالنوعين نوعاً ثالثاً ، وهو الاستعداد الشّديد نحوَ الفعل ، كالمصارعيّة (٤).
وردّه الشيخ (٥) وتبعه صدر المتألّهين ، قال في الأسفار : «إنّه لا خلافَ في أنّ القوّة على الإنفعال والقوّة على المقاومة داخلتان تحت هذا النوع.
وأمّا أنّ القوّة على الفعل هل هي داخلة تحت هذا النوع؟ فالمشهور أنّها منه والشيخ أخرجها منه ، وهو الحقّ ، كما سيظهر لك وجهه.
فإذا اُريد تلخيصُ معنى جامع للقسمين دون الأمر الثالث ، فيقال : إنّه كيفيّةٌ بها يترجّح أحد جانِبيَ القبول واللاقبول لقابلها.
وأمّا بيان أنّ القوّة على الفعل لا تصلح أن تكون داخلةً تحت هذا النوع ـ كما ذهب اليه الشيخ ـ ، فيحتاج أوّلا إلى أن نعرف أصلا كليّاً ، وهو : أنّ جهات الفعل دائماً تكون من لوازم الذات ، لأنّ كلّ ذات لها حقيقة ، فلها اقتضاءُ أثر إذا خُلّيَتْ وطَبْعها ولم يكن مانعٌ تفعل ذلك الأثر ، فلا تحتاج في فعلها إلى قوّة زائدة عليها ، وإذا فرض إضافةُ قوّة اُخرى لها لم تكن تلك الذات بالقياس إليها فاعلةً لها بل قابلة إيّاها؛ وإذا اعتبرت الذات والقوّة معاً كان المجموع شيئاً آخر ، إن كان له فعلٌ كان فعلُهُ لازماً من غير تراخي إستعداد له لحصول ذلك الفعل؛ ولو فرض ذلك
__________________
(١) وهي كيفيّة تقتضي سهولة قبول المرض.
(٢) وهي كيفيّة تقتضي عسر قبول المرض.
(٣) نُسب إلى المتقدّمين في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٣١٦ ، وإلى الجمهور في شرح المقاصد ج ١ ص ٢٥٤ ، وإلى المشهور في الأسفار ج ٤ ص ١٠٥.
(٤) وهي بالفارسيّة : كُشتي گرفتن.
(٥) راجع الفصل الثالث من المقالة الخامسة من الفن الثاني من منطق الشفاء ، حيث قال : «وأيضاً فالمتشّكّكِ أن يتشكّك في أنّه هل المصارعيّة في هذا الباب داخلة ...». وردّه أيضاً الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٣١٦ ـ ٣١٨.