مقداراً غيرَ قارٍّ يخصّها ويغاير ما لغيرها من الإمتداد غير القارّ ، فلكلِّ حركة خاصّة واحدة بالعدد زمانٌ خاصٌّ واحدٌ بالعدد ، غير أنّ بعض هذه الأزمنة يقبل الإنطباق على بعض ، والزمان العامّ المستمرّ الذي نقدّر به الحركات زمانُ الحركة اليوميّة المأخوذُ مقياساً نقيس به الأزمنة والحركات ، فيتعيّن به نِسَبُ بعضها إلى بعض بالتقدّم والتأخّر والطول والقصر ، وللحوادث بحسب مالها من النسبة إلى الزمان هيأة حاصلةٌ لها هي المتى.
ويقرب الكلام في المتى من الكلام في الأين ، فهناك متى يخصّ الحركة لا يسع معها غيرها وهو المتى الأوّل الحقيقيّ ، ومنه ما يعمّها وغيرها ككون هذه الحركة الواقعة في ساعة كذا ، أو في يوم كذا ، أو في شهر كذا ، أو في سنة كذا ، أو في قرن كذا ، وهكذا.
والفرق بين الأين والمتى في هذا الباب أنّ الزّمان الخاصّ الواحد يشترك فيه كثيرون بانطباقها عليه ، بخلاف الأين الخاصّ الواحد فلا يسع إلاّ جسماً واحداً (١).
وينقسم المتى نوعَ انقسام بانقسام الحوادث الزمانيّة ، فمنها ما هو تدريجيّ الوجود ينطبق على الزمان نفسه ، ومنها ما هو آنيّ الوجود ينتسب إلى طرف الزمان كالوصولات والمماسّات والانفصالات.
وينقسم أيضاً ـ كما قيل ـ إلى ما بالذات وما بالعرض ، فما بالذات متى الحركات المنطبقة على الزمان بذاتها ، وما بالعرض متى المتحرّكات المنطبقة عليه بواسطة حركاتها ، وأمّا بحسب جوهر ذاتها فلا متى لها. وهذا مبنيٌّ على منْعِ
__________________
(١) وتعرّض للفرق المذكور صدر المتألّهين في الأسفار ج ٤ ص ٢١٩ ، ثمّ قال : «هكذا قيل». أقول : والقائل بالفرق الشيخ الرئيس في الفصل الخامس من المقالة السادسة من الفن الثانى من منطق الشفاء. وتبعه الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٤٥٤ ـ ٤٥٥ ، والعلاّمة الحلّي في كشف المراد ص ٢٥٧ ، والتفتازانيّ في شرح المقاصد ج ١ ص ٢٨٤ ، وابن سهلان الساوجيّ في البصائر النصيريّة ص ٣٤. وخالفهم صدر المتألّهين في الأسفار ج ٤ ص ٢١٩ ، وشرحه للهداية الأثيريّة ص ٢٧١.