لذاتيهما؛ والمراد بالمحلّ الواحد مطلَقُ الموضوع ، ولو بحسب فرض العقل ، حتّى يشمل تقابُلَ الايجاب والسلب ، حيث إنّ متن القضيّة كالموضوع لهما؛ وتقييد التعريف بـ «جهة واحدة» لإخراج ما اجتمع منهما في شيء واحد من جهتَيْن ، ككون زيد أباً لعمرو وابناً لبكر؛ والتقييد بـ «وحدة الزمان» ، ليشمل ما كان من التقابل زمانيّاً ، فليس عَرْضُ الضدّين لموضوع واحد في زمانين مختلفَيْن ناقضاً للتعريف.
ولا ينتقض التعريف بالمثلَيْن الممتنع إجتماعهما عقلا ، لأنّ أحد المثلَيْن لا يدفع الآخرَ بذاته التي هي الماهيّة النوعيّة المشتركة بينهما ، وإنّما يمتنع إجتماعهما لاستحالة تكرُّرِ الوجود الواحد ـ كما تقدّم في مباحث الوجود (١) ـ.
ولا ينتقض أيضاً بنقيض اللازم وعين الملزوم ، فإنّ نقيض اللازم إنّما يعاند عينَ الملزوم
__________________
المقاصد ج ١ ص ١٤٥ ، والمطارحات ص ٣١٣.
قال صدر المتألّهين في الأسفار ج ٢ ص ١٠٣ : «وانّما عدلنا عن التعريف المشهور في الكتب لمفهوم المتقابلين إلى تعريف مفهوم التقابل لأنّ صيغة (اللذان) في قولهم : (المتقابلان هما اللذان ...) يشعر بما لهما ذاتٌ ، والعدم والملكة ، والإيجاب والسلب لا ذاتَ لهما». وقال القوشجيّ في شرحه للتجريد ص ١٠٤ ـ تبعاً للمحقّق الشريف في شرح المواقف ص ١٦٤ ـ : «وأمّا التقييد بوحدة الزمان فمستدرك ، لأنّ الاجتماع لا يكون إلاّ في زمان واحد». واعترض عليه اللاهيجيّ في شوارق الإلهام ص ١٩٢ ـ تبعاً للمحقّق الدوانيّ في حاشية شرح القوشجيّ ص ١٠٤ ـ بأنّ قيد الإجتماع غير مغن عن الزمان ، لصدقه على المقارنة في الرتبة أو وصف آخر اصطلاحاً. والعجب من صدر المتألّهين في شرح الهداية الأثيريّة ص ٢٢٧ حيث قال : «وقيد الاجتماع مغن عن ذكر (في زمان واحد) ، كما وقع في كلام بعضهم». فإنّ كلامه هذا ينافي كلامَه في الأسفار ج ٢ ص ١٠٢ ـ ١٠٣ ، حيث قال : «فما قيل من أنّ التقييد بوحدة الزمان مستدرك لأنّ الإجتماع لا يكون إلاّ في زمان واحد ، غيرُ صحيح». ويمكن أن يكون ما وقع في شرح الهداية سهواً من قلم الناسخ بحذف كلمة (غير) من العبارة ، والصواب هو هذه العبارة : «وقيد الاجتماع غير مغن ...».
(١) راجع الفصل الخامس من المرحلة الاُولى.