ومصاديقها مفهومَ الوجودِ العامِ الواحدِ البديهيّ ، ومن الممتنع إنتزاع مفهوم واحد من مصاديق كثيرة بما هي كثيرة غير راجعة إلى وحدة مّا.
ويتبيّن به أنّ الوجود حقيقةٌ مشكّكةٌ ذاتُ مراتب مختلفة ، كما مثّلوا (١) له بحقيقة النور على ما يتلقّاه الفهم الساذج أنّه حقيقةٌ واحدةٌ ذاتُ مراتب مختلفة في الشدّة والضعف ، فهناك نور قويّ ومتوسط وضعيف مثلا ، وليست المرتبة القويّة نوراً وشيئاً زائداً على النّوريّة ، ولا المرتبة الضعيفة تفقد من حقيقة النور شيئاً أو تختلط بالظلمة التي هي عدم النور ، بل لا تزيد كلّ واحدة من مراتبه المختلفة على حقيقة النور المشتركة شيئاً ، ولا تفقد منها شيئاً ، وإنّما هي النور في مرتبة خاصّة
__________________
الثاني : أنّ الوجود مشترك لفظيّ بين الواجب والممكن ومشترك معنويّ بين أقسام الممكن. كما ذهب إليه جماعة من المتأخرين.
الثالث : أنّ الوجود مشترك معنويّ في كلّ ما يطلق عليه ، وليس له فردٌ أصلا ، وتكثّرة انّما هو بالوجودات المضافة الى الماهيات المعبّرة عنها بالحصص. وهو مذهب جماعة من المتكلمين.
الرابع : أنّ الوجود مشترك معنويّ في كلّ ما يطلق عليه ، وله أفراد متعدّدة ، غاية الأمر واحد منها موجود خارجيّ وهو الواجب (تعالى) وما سواه اُمور خارجيّة غير قائمة بذاتها لا موجودات خارجيّة. وهذا ما ذهب اليه السيّد الشريف والمحقّق اللاهيجيّ.
الخامس : أنّ الوجود له فردٌ واحد في الخارج وراء الحصص ، وهذا الفرد هو الواجب (تعالى) وليس للممكنات وجودات اُخر وراء الحصص. فالوجود واحد والموجود كثير. وهو قول المحقّق الدواني ونسبه إلى ذوق المتألّهين.
السادس : أنّ الوجود له أفراد متعدّدة كلّها موجودة في الخارج بالأصالة ، وتلك الأفراد بسايط متباينة بتمام الذات غاية الأمر أنّها مشترك في مفهوم الوجود. وهو قول المشائين.
السابع : أنّ الوجودات بل الموجودات ليست متكثّرة في الحقيقة ، بل هنا موجود واحد هو الله (تعالى) قد تعدّدت شؤونه وتكثّرت أطواره. وهذا ما ذهب إليه الصوفية.
الثامن : أنّ للوجود أفراداً متعدّدة كلّها موجودة في الخارج والوجود فيها حقيقة واحدة متشكّكة ، واختلافها إنّما هو بالشدّة والضعف وغيرهما من أقسام التشكيك. وهذا ما نُسب إلى الفهلويّين ، واختاره صدر المتألّهين (قدس سره) ، وتبعه المصنّف (قدس سره).
وأمّا البحث عن كلّ واحد من هذه الأقوال يحتاج إلى رسالة خاصّة ، فتدبّر.
(١) راجع الأسفار : ج ١ ص ٤٩ و ٦٩ ـ ٧١ ، وشرح المنظومة ص ٢٢ ـ ٢٣.