ذو مراتب مختلفة. وكان إذا قسم هذا الوجود الواحد على قسمين كان في القسم السابق قوّةُ القسم اللاحق ، وفي القسم اللاحق فعليّةُ القسم السابق.
ثمّ إذا قسم القسم السابق مثلا على قسمين كان في سابقهما قوّة اللاحق وفي لاحقهما فعليّةُ السابق.
وكلّما أمعن في التقسيم وجزّىء ذلك الوجود الواحد المستمرّ ، كان الأمر على هذه الوتيرة ، فالقوّة والفعل فيه ممزوجان مختلطان.
فكلٌّ حدٍّ من حدود هذا الوجود الواحد المستمرّ كمالٌ بالنسبة إلى الحدّ السابق ، ونقصٌ وقوّةٌ بالنسبة إلى الحدّ اللاحق ، حتّى ينتهي إلى كمال لا نقصَ معه ، أي فعليَّةٌ لا قوّةَ معها ، كما ابتدىء من قوّة لا فعليّةَ معها.
فينطبق عليه حدّ الحركة ، وهو : أنّها كمالٌ أوّلُ لما بالقوّة من حيث إنّه بالقوّة.
فهذا الوجود الواحد المستمّر وجود تدريجيّ سيّال يجري على المادّة الحاملة للقوّة والمختلفات هي حدود الحركة وصور المادّة.
هذا كلّه في الجواهر النوعيّة.
والكلام في الأعراض نظيرُ ما تقدّم في الجواهر ، وسيجيء تفصيل الكلام فيها (١).
فقد تبيّن ممّا تقدّم أنّ قوّة الشيء هي ثبوتٌ مّا له لا يترتّب عليه بحسبه جميع آثار وجوده الفعليّ؛ وأنّ الوجود ينقسم إلى ما بالفعل وما بالقوّة؛ وأنّه ينقسم إلى ثابت وسيّال.
وتبيّن أنّ ما لوجوده قوّةٌ فوجوده سيّالٌ تدريجيٌّ وهناك حركة ، وأنّ ما ليس وجوده سيّالا تدريجيّاً ـ أي كان ثابتاً ـ فليس لوجوده قوّةٌ ـ أي لا مادّة له ـ ؛ وأنّ ما له حركة فله مادّة؛ وأنّ ما لا مادّةَ له فلا حركة له؛ وأنّ للأعراض بما أنّ وجوداتها لموضوعاتها حركةٌ بتبع حركة موضوعاتها على ما سيأتي من التفصيل (٢).
__________________
(١) راجع الفصل السادس والفصل السابع والفصل الثامن من هذه المرحلة.
(٢) راجع الأمر الثاني من الاُمور المذكورة في الفصل الثامن من هذه المرحلة.