نسبةٌ موجودةٌ ثابتةٌ.
على أنّا نجد هذه النسبة مختلفةً بالقُرب والبُعد ، والشدّة والضعف ، فالنطفة أقرب إلى الحيوان من الغذاء ، وإن كانا مشتركين في إمكان أن يصيرا حيواناً.
والقُرب والبُعد والشدّة والضعف أوصافٌ وجوديّةٌ لا يتّصف بها إلاّ موجود ، فالنسبة المذكورة موجودةٌ لا محالة.
وكلّ نسبة موجودة فإنّها تستدعي وجودَ طرفَيْها في ظرف وجودها ، لضرورة قيامها بهما وعدم خروج وجودها من وجودهما وكون أحد طرفَيِ النسبة للآخر.
وقد تقدّم بيان ذلك كلّه في مرحلة انقسام الوجود إلى ما في نفسه وما في غيره (١).
وإذ كان المقبول بوجوده الخارجيّ ـ الذي هو منشأٌ لترتُّبِ آثاره عليه ـ غيرَ موجود عند القابل ، فهو موجودٌ عنده بوجود ضعيف لا يترتّب عليه جميع آثاره.
وإذ كان كلٌّ من وجودَيْه الضعيف والشديد هو هو بعينه فهما واحد.
فللمقبول وجودٌ واحدٌ ذو مرتبتَيْن : مرتبةٌ ضعيفةٌ لا يترتّب عليه جميع آثاره ، ومرتبةٌ شديدةٌ بخلافها.
ولنُسمّ المرتبةَ الضعيفةَ : «وجوداً بالقوّة» ، والمرتبةَ القويّةَ : «وجوداً بالفعل».
ثمّ إنّ المقبول بوجوده بالقوّة معه بوجوده بالفعل موجودٌ متّصلٌ واحدٌ ، وإلاّ بطلت النسبة ، وقد فرضت ثابتة موجودة ، وهذا خلفٌ.
وكذا المقبول بوجوده بالقوّة مع القابل موجودان بوجود واحد ، وإلاّ لم يكن أحد الطرفين موجوداً للآخر فبطلت النسبة ، وهذا خلفٌ. فوجود القابل ووجود المقبول بالقوّة ووجوده بالفعل جميعاً وجودٌ واحدٌ ذو مراتب مختلفة يرجع فيه ما به الاختلاف إلى ما به الاتّفاق ، وذاك من التشكيك.
هذا فيما إذا فرضنا قابلا واحداً مع مقبول واحد. وأمّا لو فرضنا سلسلة من القوابل والمقبولات ذاهبةً من الطرفين متناهية أو غير متناهية في كلّ حلقة من حلقاتها إمكان الفعليّة التالية لها وفعليّة الإمكان السابق عليها على ما عليه سلسلة الحوادث في الخارج ، كان لجميع الحدود وجودٌ واحدٌ مستمرٌّ باستمرار السلسلة
__________________
(١) راجع الفصل الثالث من المرحلة الثانية.