مشتركة وبينها فواصل غير موجودة إلاّ بالقوّة وهي الآنات. فالآن طرف الزمان ، كالنقطة التي هي طرف الخط ، وهو أمر عدميٌ حظُّهُ من الوجود إنتسابه إلى ما هو طرفُ له.
ومن هنا يظهر أنّ تتالي الآنات ممتنعٌ ، فإنّ الآن ليس إلاّ فاصلة عدميّةٌ بين قطعَتْين من الزمان ، وما هذا حاله لا يتحقّق منه إثنان إلاّ وبينهما قطعةٌ من الزمان.
الرابع : أنّ الأشياء في انطباقها على الزمان مختلفةٌ ، فالحركة القطعيّة منطبقةٌ على الزمان بلا واسطة ، واتّصاف أجزاء هذه الحركة بالتقدّم والتأخّر ونحوهما بتَبَعِ اتّصاف أجزاء الزمان بذلك.
وكلُ آنيُّ الوجود من الحوادث كالوصول والترك والاتّصال والانفصال منطبقٌ على الآن ، والحركة التوسّطيّة منطبقةٌ عليه بواسطة القطعيّة.
وتبيّن أيضاً أنّ تصوير التوسّطيّ من الزمان ـ وهو المسمّى بالآن السيّال الذي يرسم الإمتداد الزمانيّ ـ تصويرٌ وهميٌّ مجازيٌّ ، كيف؟ والزمان كمٌّ منقسمٌ بالذات.
وقياسه إلى الوحدةِ السارية التي ترسم بتكرّرها العدد والنقطةِ السارية التي ترسم الخطّ ، في غير محلّه ، لأنّ الوحدة ليست بالعدد ، وإنّما ترسمه بتكرّرها لا بذاتها ، والنقطة نهاية عدميّة ، وتألُّفُ الخطّ منها وهميٌّ.
الخامس : أنّ الزمان ليس له طَرَفٌ موجودٌ بالفعل ـ بمعنى جزءٌ هو بدايته ، أو نهايته لا ينقسم في إمتداد الزمان ـ ، وإلاّ تألَّفَ المقدار من أجزاء لا قدر لها وهو الجزء الذي لا يتجزّى ، وهو محال.
وإنّما ينفد الزمان بنفاد الحركة المعروضة من الجانبَيْن.
السادس : أنّ الزمان لا يتقدّم عليه شيءٌ إلاّ بتقدّم غير زمانيٍّ ، كتقدّم علّة الوجود وعلّة الحركة وموضوعها عليه.
السابع : أنّ القبليّة والبعديّة الزمانيّتَيْن لا تتحقّقان بين شيء وشيء إلاّ وبينهما زمانٌ مشتركٌ ينطبقان عليه.
ويظهر بذلك أنّه إذا تحقّق قبلُ زمانيٌّ بالنسبة إلى حركة أو متحرّك استدعى