للممكنات (١) ـ بتقريب أنّ فرض كون الماهيّة المفروضة للواجب علّة فاعليّة لوجودها ، لو اقتضى تقدّم الماهيّة على وجودها المعلول لها لزم نظيره في الماهيّات الموجودة للممكنات ، فإنّ ماهيّة الممكن قابلةٌ لوجوده والقابل كالفاعل في وجوب تقدّمه على ما يستند إليه ـ ، غير مستقيم (٢) ، لأنّ وجوب تقدّم القابل على مقبوله بالوجود إنّما هو في القابل الذي هو علّة مادّيّة ، فهي المتقدّمة على معلولها الذي هو المجموع من الصورة والمادّة ، وماهيّة الممكن ليست علّة مادّية بالنسبة إلى وجوده ولا بالنسبة إلى الماهيّة الموجودة ، وإنّما قابليّتها إعتبار عقليٌّ منشؤهُ تحليلُ العقل الممكنَ إلى الماهيّة ووجود واتّخاذهُ الماهيّةَ موضوعه والوجود محمولا لها. وبالجملة ليست الماهيّة علّة قابليّة للوجود ، لكن لو فرضت علّة فاعليّة لوجودها كانت علّة حقيقيّة واجبة التقدّم حقيقة ، فإنّ الحاجة إلى علّة الوجود حاجة حقيقيّة تستبع علّة حقيقيّة ، بخلاف الحاجة إلى قابل ماهويّ يقبل الوجود ، فإنّها إعتبارٌ عقليٌّ والماهيّة في الحقيقة عارضة للوجود لا معروضة لها.
حجّةٌ اُخرى (٣) ، وهي : أنّ الوجود إذا كان زائداً على الماهيّة تقع الماهيّة لا محالة تحت إحدى المقولات ، وهي لا محالة مقولة الجوهر دون مقولات الأعراض ، سواءانحصرت المقولات في عدد معيّن مشهور أو غير مشهور أو زادت عليه ، لأنّ الأعراض ـ أيّاً مّا كانت ـ قائمةٌ بغيرها ، فإذا كانت الماهيّة المفروضة تحت مقولة الجوهر ، فلابدّ أن يتخصّص بفصل بعد اشتراكها مع غيرها من الأنواع الجوهريّة ، فتحتاج إلى المخصِّص. وأيضاً لا شبهة في حاجة بعض الأنواع الجوهريّة إلى المخصِّص والمرجِّح ، وإذا صحّ الإمكان على بعض ما تحت الجنس من الأنواع صحّ على الجنس ، فالجائز على بعض الأنواع التي تحت الجنس جائزٌ
__________________
(١) هذا النقض أورده الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٣٧ ، وقرّره على ذلك صدر المتألّهين في الأسفار ج ٦ ص ٤٨.
(٢) راجع تعليقة المصنّف (رحمه الله) على الأسفار ج ٦ ص ٤٨ الرقم (١).
(٣) هذه الحجّة أقامها الشيخ الإشراقيّ في المطارحات ص ٣٩١ ـ ٣٩٢ ، والتلويحات ص ٣٩.