غيره عنه ، ضرورةَ مغايرة الحيثيّتين. فكلّ هويّة يسلب عنها شيء فهي مركّبة.(ومعنى دخول النفي في هويّة وجوديّة ـ والوجود مناقض للعدم ـ نقص وجوديّ في وجود مقيس إلى وجود آخر ، ويتحقّق بذلك مراتب التشكيك في حقيقة الوجود وخصوصيّاتها) ، وتنعكس النتيجة بعكس النقيض إلى أنّ كلّ ذات بسيطة الحقيقة فإنّها لا يسلب عنها كمال وجوديّ.
والواجب بالذات وجود بحت لا سبيل للعدم إلى ذاته ولا يسلب عنه كمال وجوديّ ، لأنّ كلّ كمال وجوديّ ممكنٌ ، فإنّه معلول مفاض من علّة ، والعلل منتهية إلى الواجب بالذات ، ومعطي الشيء لا يكون فاقداً له ، فله (تعالى) كلّ كمال وجوديّ من غير أن يداخله عدم ، فالحقيقة الواجبيّة بسيطة بحتة ، فلا يسلب عنها شيء ، وهو المطلوب.
فإن قيل (١) : إنّ له (تعالى) صفات سلبيّه بالبرهان ، ككونه ليس بجسم ولا جسمانيّ ولا بجوهر ولا بعرض.
قلنا : الصفات السلبيّة راجعة إلى سلب النقائص والأعدام ، وسلب السلب وجودٌ ، وسلب النقص كمالُ وجود ـ كما قيل (٢) ـ.
فإن قيل : لازِمُ ما تقدّم من البيان صحّة الحمل بينه (تعالى) وبين كلّ موجود وكمال وجوديّ ، ولازِمُه عينيّة الواجب والممكن (تعالى الله عن ذلك) ، وهو خلاف الضرورة.
قلنا : كلاّ ، ولو حُمِلَ الوجودات الممكنة عليه (تعالى) حملا شائعاً صدقَتْ عليه (تعالى) بكلتا جهتَىِ إيجابها وسلبها وحيثيّتَيِ كمالها ونقصها اللتَيْن تركّبَتْ ذواتها منها ، فكانت ذات الواجب مركّبة وقد فرضَتْ بسيطة الحقيقة ، وهذا خلفٌ. بل وجدانُه (تعالى) بحقيقته البسيطة كمالَ كلّ موجود وجدانُه له بنحو أعلى
__________________
(١) هذا الإشكال تعرّض له في الأسفار ج ٦ ص ١١٤.
(٢) والقائل صدر المتألّهين في الأسفار ج ٦ ص ١١٤.