ما في الضمير ، فهو موجودٌ إعتباريٌّ يدل عند العارف بالوضع بدلالة وضعيّة اعتباريّة على ما في ذهن المتكلّم ، ولذلك يعدّ وجوداً لفظيّاً للمعنى الذهنيّ إعتباراً ، كما يعدّ المعنى الذهنيّ وجوداً ذهنيّاً ومصداقه الخارجيّ وجوداً خارجيّاً للشيء.
فلو كان هناك موجودٌ حقيقيٌّ دالٌّ على شيء دلالةً حقيقيّةً غير إعتباريّة كالأثر الدالّ على المؤثّر والمعلول الدالّ بما فيه من الكمال الوجوديّ على ما في علّته من الكمال بنحو أعلى وأشرف ، كان أحقّ بأن يسمّى «كلاماً» ، لأصالة وجوده وقوّة دلالته.
ولو كان هناك موجود بسيط الذات من كلّ وجه له كلّ كمال في الوجود بنحو أعلى وأشرف ، يكشف بتفاصيل صفاته التي هي عين ذاته المقدّسة عن إجمال ذاته ، كالواجب (تعالى) ، فهو كلام يدلّ بذاته على ذاته والإجمال فيه عين التفصيل».
أقول : فيه تحليل الكلام وإرجاع حقيقة معناه إلى نحو من معنى القدرة ، فلا ضرورة تدعو إلى إفراده من القدرة ، على أنّ جميع المعاني الوجوديّة وإن كانت متوغلّةً في الماديّة محفوفةً بالأعدام والنقائص يمكن أن تعود بالتحليل وحذف النقائص والأعدام إلى صفة من صفاته الذاتيّة.
فإن قلت : هذا جار في السمع والبصر ، فهما وجهان من وجوه العلم مع أنّهما أفرِدا من القدرة وعدّا صفتين من الصفات الذاتيّة.
__________________
اللفظ موضوعاً لدى الأنام |
|
ممّا هو المعروف بالكلام |
فهو وجود معه وجود |
|
ذهناً له بجعلنا شهود |
فحيث في تأدية ذا أيسر |
|
من غيره لإسم الكلام أثروا |
ولو فرضتَ غيره بديله |
|
إذ ذاك حاله يكون حاله |
فالكل بالذات له دلالة |
|
حاكية جماله جلاله |
راجع شرح المنظومة ص ١٨٢.