نفسه ، وهو بعينه يطرد الجهلَ الذي هو عدمٌ مّا عن موضوعه.
والحجّة على تحقّق هذا القسم ـ أعني الوجود لغيره ـ وجودات الأعراض ، فإنّ كلاّ منها كما يطرد عن ماهيّة نفسه العدمَ يطرد عن موضوعه عدماً مّا زائداً على ذاته.
وكذلك الصور النوعيّة المنطبعة ، فإنّ لها نوعُ حصول لموادّها تطرد به عن موادّها ، لا عدمَ ذاتها ، بل نقصاً جوهريّاً تكمل بطرده ، وهو المراد بكون وجود الشيء لغيره وناعتاً.
ويقابله ما كان وجوده طارداً للعدم عن ماهيّة نفسه فحسب ، وهو الوجود لنفسه ، كالأنواع التامّة الجوهريّة كالإنسان والفرس وغيرهما.
فتقرّر أنّ الوجود في نفسه ينقسم إلى ما وجوده لنفسه وما وجوده لغيره ، وذلك هو المطلوب.
ويتبيّن بما مرّ أنّ وجود الأعراض من شؤون وجود الجواهر التي هي موضوعاتها ، وكذلك وجود الصور المنطبعة غيرُ مباين لوجود موادّها.
ويتبيّن به أيضاً أنّ المفاهيم المنتزعة عن الوجودات النّاعتة التي هي أوصاف لموضوعاتها ليست بماهيّات لها ولا لموضوعاتها؛ وذلك لأنّ المفهوم المنتزَع عن وجود إنّما يكون ماهيّةً له إذا كان الوجود المنتزَع عنه يطرد عن نفسه العدمَ ، والوجود الناعت يطرد العدمَ لا عن نفس المفهوم المنتزَع عنه ، مثلا وجود السواد في نفسه يطرد العدمَ عن نفسِ السواد ، فالسواد ماهيّته ، وأمّا هذا الوجود من حيث جعْلِهِ الجسمَ أسودَ فليس يطرد عدماً ، لا عن السواد في نفسه ولا عن ماهيّة الجسم المنعوت به ، بل عن صفة يتّصف بها الجسم خارجة عن ذاته.