كانت داخلةً تحتها وهي في الخارج تترتّب عليها آثارها ، وإنّما لها من المقولة مفهومها فقط؛ فالإنسان الذهنيّ وإن كان هو الجوهر الجسم الناميّ الحسّاس المتحرّك بالإرادة الناطق ، لكنّه ليس ماهيّةً موجودةً لا في موضوع بما أنّه جوهر ، ولا ذا أبعاد ثلاثة بما أنّه جسم ، وهكذا في سائر أجزاء حدّ الإنسان؛ فليس له إلاّ مفاهيم مّا في حدّه من الأجناس والفصول من غير ترتّب الآثار الخارجيّة ، ونعني بها الكمالات الأوّليّة والثانويّة؛ ولا معنى للدخول والاندراج تحت مقولة إلاّ ترتّب آثارها الخارجيّة ، وإلاّ فلو كان مجرّد انطباق مفهوم المقولة على شيء كافياً في اندراجه تحتها كانت المقولة نفسُها مندرجةً تحتَ نفسِها لحملها على نفسها ، فكانت فرداً لنفسها؛ وهذا معنى قولهم : «إنّ الجوهر الذهنيّ جوهرٌ بالحمل الأوّليّ لا بالحمل الشائع» (١).
وأمّا تقسيم المنطقيّين الأفرادَ إلى ذهنيّة وخارجيّة (٢) فمبنيٌّ على المسامحة تسهيلا للتعليم.
ويندفع بما مرّ إشكال أوردوه على القول بالوجود الذهنيّ (٣) ، وهو أنّ الذاتيّات منحفظة على القول بالوجود الذهنيّ ، فإذا تعقلنا الجوهر كان جوهراً نظراً إلى انحفاظ الذاتيّات ، وهو بعينه عَرَض ، لقيامه بالنفس قيامَ العرض بموضوعه ، فكان جوهراً وعرضاً بعينه ، واستحالته ظاهرة.
__________________
(١) راجع الأسفار : ج ١ ص ٢٧٩.
(٢) قالوا : «إنّ القضية الموجبة إمّا خارجيّة وهي التي حكم فيها على أفراد موضوعها الموجودة في الخارج ، وإمّا ذهنيّة وهي التي حكم فيها على الأفراد الذهنية فقط ، وإمّا حقيقيّة وهي التي حكم فيها على الأفراد النفس الأمرية محقّقةً كانت أو مقدّرةً».
(٣) إن شئت تفصيل البحث عن هذا الإشكال والإشكالات اللاحقه وأجوبتها فراجع الفصل الثامن من المقالة الثالثة من إلهيّات الشفاء ، وتعليقة صدر المتألّهين عليه ص ١٢٦ ـ ١٣٩ ، والتعليقات للشيخ الرئيس ص ١٤٩ ـ ١٤٧ ، والأسفار ج ١ ص ٢٧٧ ـ ٣١٤ ، وج ٣ ص ٣٠٥ ـ ٣١٢ ، والشواهد الربوبيّة ص ٢٤ ـ ٣٥ ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، وايضاح المقاصد ص ٦ ـ ١٨.