إلى الضرورة الوصفيّة بوجه.
تنبيه آخر : [في أقسام الإمكان]
هذا الذي تقدّم ـ من معنى الإمكان ـ هو المبحوث عنه في هذه المباحث ، وهو إحدى الجهات الثلاث التي لا يخلو عن واحدة منها شيء من القضايا (١).
وقد كان الإمكان عند العامة يُستعمل في سلبِ الضرورة عن الجانب المخالف ، ولازِمُه سلبُ الامتناع عن الجانب الموافق.
ويصدق في الموجبة فيما إذا كان الجانب الموافق ضروريّاً ، نحو «الكاتب متحرّك الأصابع بالإمكان» ، أو مسلوب الضرورة ، نحو «الإنسان متحرّك الأصابع بالإمكان».
ويصدق في السالبة فيما إذا كان الجانب الموافق ممتنعاً ، نحو «ليس الكاتب بساكن الأصابع بالإمكان» ، أو مسلوب الضرورة ، نحو «ليس الانسان بساكن الأصابع بالإمكان».
فالإمكان بهذا المعنى أعمّ مورداً من الإمكان بالمعنى المتقدّم ـ أعني سلْبَ الضرورتَيْن ـ ومن كلٍّ من الوجوب والامتناع ، لا أنّه أعمٌّ مفهوماً ، إذ لا جامع مفهوميّ بين الجهات.
ثمّ نقله الحكماء إلى خصوص سلب الضرورة من الجانبَيْن ، وسَمّوه : «إمكاناً خاصاً وخاصيّاً» ، وسَمّوا ما عند العامة : «إمكاناً عاماً وعاميّاً».
وربّما أُطلق الإمكان وأُريد به سلبُ الضرورات الذاتيّة والوصفيّة والوقتيّة ، وهو أخصّ من الإمكان الخاصّ ، ولذا يسمّى : «الإمكان الأخصّ» ، نحو «الإنسان كاتبٌ بالإمكان» ، فالماهيّة الإنسانيّة لا تستوجب الكتابة ، لا لذاتها ولا لوصف ولا في وقت مأخوذَيْن في القضيّة.
__________________
(١) بخلاف صاحب المواقف ، فانّه قال : «واعلم انّ هذه غير الوجوب والإمكان والإمتناع التي هي جهات القضايا وموادّها ...» ، فراجع شرح المواقف ص ١٣١ ، واعترض عليه شارح المقاصد بأنّه : «إن أراد كونها واجبة لذوات اللوازم فالملازمة ممنوعة ، أو لذوات الماهيات فبطلان التالي ممنوع فإنّ معناه أنّها واجبة الثبوت للماهيات نظراً إلى ذواتها من غير احتياج إلى أمر آخر» ، راجع شرح المقاصد ج ١ ص ١١٥.