وربّما أُطلق الإمكان واُريد به سلْبُ الضرورات جميعاً حتّى الضرورة بشرط المحمول ، وهو في الاُمور المستقبلة التي لم يتعيّن فيها إيجاب ولا سلب.
فالضرورة مسلوبة عنها حتّى بحسب المحمول إيجاباً وسلباً.
وهذا الإعتبار بحسب النظر البسيط العامّي الذي من شأنه الجهل بالحوادث المستقبلة لعدم إحاطته بالعلل والأسباب ، وإلاّ فلكلّ أمر مفروضٌ بحسب ظرفه إمّا الوجود والوجوب وإمّا العدم والامتناع.
وربّما اُطلق الإمكان واُريد به الإمكان الإستعداديّ ، وهو وصفٌ وجوديٌّ من الكيفيّات القائمة بالمادّة ، تقبل به المادّة الفعليّاتَ المختلفة.
والفرق بينه وبين الإمكان الخاصّ أنّه صفةٌ وجوديّةٌ تقبل الشدّة والضعف والقُرْب والبُعْد من الفعليّة ، موضوعه المادّة الموجودة ويبطل منها بوجود المستعدّ؛ بخلاف الإمكان الخاصّ الذي هو معنى عقليٌّ لا يتّصف بشدّه وضعف ولا قُرْب وبُعْد ، وموضوعه الماهيّة من حيث هي ، لا يفارق الماهيّة موجودةً كانت أو معدومةً.
وربما اُطلق الإمكان واُريد به كون الشيء بحيث لا يلزم من فرض وقوعه محالٌ ، ويسمّى : «الإمكان الوقوعيّ».
وربما اُطلق الإمكان واُريد به ما للوجود المعلوليّ من التعلّق والتقوّم بالوجود العلّيّ ، وخاصّة الفقر الذاتي للوجود الإمكانيّ بالنسبة إلى الوجود الواجبيّ (جلّ وعلا) ، ويسمّى : «الإمكان الفقريّ» و «الوجوديّ» قِبالَ الإمكان الماهويّ.
تنبيهٌ آخر :
الجهات الثلاث المذكورة لا تختصّ بالقضايا التي محمولها الوجود ، بل تتخلّل واحدةٌ منها بين أيِّ محمول مفروض نُسِب إلى أيِّ موضوع مفروض ، غير أنّ الفلسفة لا تتعرّض منها إلاّ بما يتخلّل بين الوجود وعوارضه الذاتيّة لكون موضوعها الموجود بما هو موجود.