الواجب بالذات.
منها : أنّ حقيقةَ الواجب بالذات لا تساوي حقيقةَ شيء ممّا سواها ، لأنّ حقيقة غيره تقتضي الإمكان وحقيقته تنافيه ، ووجوده يساوي وجود الممكن في أنّه وجودٌ ، فحقيقته غيرُ وجوده وإلاّ كان وجود كلُّ ممكن واجباً.
ومنها : أنّه لو كان وجود الواجب بالذات مجرّداً عن الماهيّة فحصول هذا الوصف له إن كان لذاته كان وجودُ كلِّ ممكن واجباً لاشتراك الوجود ، وهو محالٌ؛ وإن كان لغيره لزمت الحاجة إلى الغير ولازِمُهُ الإمكان ، وهو خلفٌ.
ومنها : أنّ الواجب بالذات مبدأ للممكنات ، فعلى تجرُّدِهِ عن الماهيّة إن كانت مبدئيّتُهُ لذاته لزم أن يكون كلُ وجود كذلك ، ولازِمُه كونُ كلّ ممكن علّةً لنفسه ولعلِلِه ، وهو بيِّنُ الإستحالة؛ وإن كانت (١) لوجوده مع قيد التجرّد لزم تركّب المبدأ الأوّل بل عدمه ، لكون أحد جزئَيْه ـ وهو التجرّد ـ عدميّاً؛ وإن كانت (٢) بشرط التجرّد لزم جواز أن يكون كلُ وجود مبدءاً لكلّ وجود ، إلاّ أنّ الحكم تخلَّف عنه لفقدان الشرط وهو التجرّد.
ومنها : أنّ الواجب بذاته إن كان نفس الكون في الأعيان ـ وهو الكون المطلق ـ لزم كون كلُ موجود واجباً؛ وإن كان هو الكون مع قيد التجرّد عن الماهيّة لزم تركّب الواجب ، مع أنّه معنى عدميٌّ لا يصلح أن يكون جزءاً للواجب؛ وإن كان هو الكون بشرط التجرّد لم يكن الواجب بالذات واجباً بذاته؛ وإن كان غير الكون في الأعيان فإن كان بدون الكون لزم أن لا يكون موجوداً ، فلا يعقل وجودٌ بدون الكون؛ وإن كان الكون داخلا لزم التركّب ، والتوالي المتقدّمة كلّها ظاهرة البطلان؛ وإن كان الكون خارجاً عنه فوجوده خارجٌ عن حقيقته وهو المطلوب ، إلى غير ذلك من الإعتراضات.
ووجه اندفاعها أنّ المراد بالوجود المأخوذ فيها إمّا المفهوم العام البديهيّ وهو
__________________
ويدلّ عليه وجوهٌ ...». وتعرّض لها وللإجابة عليها في الأسفار ج ١ ص ١٠٨ ـ ١١٢ ، وفي شرح المقاصد ج ١ ص ٦٥.
(١ و ٢) أي مبدئيّته.