قال صدر المتألّهين (رحمه الله) : «المقصود من هذا أنّ الواجب الوجود ليس فيه جهةٌ إمكانيّةٌ ، فإنّ كلّ ما يمكن له بالإمكان العام فهو واجبٌ له.
ومن فروع هذه الخاصّة أنّه ليست له حالة منتظرة ، فإنّ ذلك أصل يترتّب عليه هذا الحكم.
وليس هذا عينه كما زعمه كثير من الناس ، فإنّ ذلك هو الذي يعدُّ من خواصّ الواجب بالذات دون هذا ، لاتّصاف المفارقات النوريّة به ، إذ لو كانت للمفارق حالةٌ منتظرةٌ كماليّةٌ يمكن حصولها فيه لاستلزم تحقّق الإمكان الاستعداديّ فيه والانفعال عن عالم الحركة والأوضاع الجرمانيّة ، وذلك يوجب تجسّمه وتكدّره مع كونه مجرّداً نوريّاً ، هذا خلفٌ» (١) ـ إنتهى.
والحجّة فيه (٢) : أنّه لو كان للواجب بالذات المنزّه عن الماهيّة بالنسبة إلى صفة كماليّة من الكمالات الوجوديّة جهةٌ إمكانيّةٌ ، كانت ذاتُهُ في ذاتِهِ فاقدةً لها ، مستقرّاً فيها عدمُها ، فكانت مركّبةً من وجود وعدم ، ولازمُهُ تركُّبِ الذات ، ولازِمُ التركّب الحاجة ، ولازِمُ الحاجة الإمكان ، والمفروض وجوبه ، وهذا خلفٌ.
حجّةٌ اُخرى (٣) : إنّ ذات الواجب بالذات لو لم تكن كافيةً في وجوب شيء من الصفات الكماليّة التي يمكن أن تتّصف بها كانت محتاجةً فيه إلى الغير ، وحينئذ لو اعتبرنا الذات الواجبة بالذات في نفسها مع قطع النظر عن ذلك الغير وجوداً وعدماً فإن كانت واجبةً مع وجود تلك الصفة لغَتْ علّية ذلك الغير وقد فُرِضَ علّة ، هذا خلفٌ؛ وإن كانت واجبةً مع عدم تلك الصفة لزم الخلف أيضاً.
واُورِد عليها (٤) أنّ عدم اعتبار العلّة بحسب اعتبار العقل لا ينافي تحقُّقَها في نفس الأمر ، كما أنّ اعتبار الماهيّة من حيث هي هي وخلوّها بحسب هذا الاعتبار
__________________
من صفاته». وقال الميبديّ في شرح الهداية الأثيريّة ص ٧٢ : «أي ليست له حالةٌ منتظرةٌ غيرُ حاصلة».
(١) راجع الأسفار ج ١ ص ١٢٢.
(٢) وتعرّض لها في الأسفار ج ١ ص ١٢٣.
(٣) احتجّ بها أثير الدين الأبهريّ في الهداية الأثيريّة ، فراجع شرح الهداية الأثيريّة لصدر المتألّهين ص ٢٩٤. وتعرّض لها أيضاً صدر المتألّهين في الأسفار ج ١ ص ١٢٣.
(٤) تعرّض له صدر المتألّهين في الأسفار ج ١ ص ١٢٤ ـ ١٢٥.