والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، إلى أن وقع أمر الحَكَمين في صفِّين ، فتسمَّى معاوية يومئذ بالخلافة ، ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ، ولم ينتظم للحسين أمر ، بل قُتل قبل ذلك ، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير ، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة : الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام ، وتخلل بين سليمان ويزيد : عمرُ بن عبد العزيز ، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين ، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، اجتمع الناس عليه لما مات عمّه هشام ، فولي نحو أربع سنين ، ثم قاموا عليه فقتلوه ، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك ... (١).
وهذا هو قول البيهقي (٢) أيضاً في دلائل النبوة ، حيث قال بعد أن ساق بعضاً من الأحاديث السابقة : وقد وُجد هذا العدد بالصفة المذكورة إلى وقت الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، ثم وقع الهرج والفتنة العظيمة كما أخبر في هذه الرواية ، ثم ظهر ملك العباسية ... (٣).
ثم قال : والمراد بإقامة الدين ـ والله أعلم ـ إقامة معالمه وإن كان بعضهم
__________________
(١) المصدر السابق ١٣ / ١٨٢.
(٢) قال السيوطي في طبقات الحفاظ ، ص ٤٣٣ : البيهقي الإمام الحافظ العلامة شيخ خراسان أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي صاحب التصانيف ، ولد سنة ٣٨٤ هـ ، ولزم الحاكم وتخرج به ، وأكثر عنه جداً ، وهو من كبار أصحابه ، بل زاد عليه بأنواع العلوم. كتب الحديث وحفظه من صباه ، وبرع وأخذ في الأصول ، وانفرد بالإتقان والضبط والحفظ ، ورحل ... وعمل كتباً لم يسبق إليها ( كالسنن الكبرى ) ، و ( الصغرى ) ، و ( شعب الايمان ) ، و ( الاسماء والصفات ) ، و ( دلائل النبوة ) وغير ذلك مما يقارب ألف جزء. مات سنة ٤٥٨ هـ بنيسابور ، ونقل في تابوت الى بيهق ( بتصرف ).
(٣) دلائل النبوة ٦ / ٥٢٠.