وقال أحمد بن حنبل : لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الثوري ولا الأوزاعي ، خذ من حيث أخذوا. وقال : من قلة فقه الرجل أن يقلد في دينه الرجال.
وقال : لا تقلّد دينك أحداً (١).
قال ابن القيم : ولأجل هذا لم يؤلف الإمام أحمد كتاباً في الفقه ، وإنما دوّن أصحابه مذهبه من أقواله وأفعاله وأجوبته وغير ذلك.
ثم إن كل واحد من الأئمة الأربعة نهى أن يؤخذ بقوله إذا كان مخالفاً لما هو مروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فالمعتمد هو قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا أقوالهم :
قال أبو حنيفة : إذا جاء عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فعلى العين والرأس ، وإذا جاء عن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نختار من قولهم ، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم ... (٢)
وقال الشافعي : كل ما قلت وكان عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خلاف قولي مما يصح ، فحديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أولى ، فلا تقلدوني (٣).
وقال مالك بن أنس : إنما أنا بشر أخطئ وأصيب ، فانظروا في رأيي ، فكل ما وافق الكتاب والسنّة فخذوا به ، وما لم يوافق الكتاب والسنّة فاتركوه (٤).
وبعد هذا كله هل يجوز لمؤمن أن يتَّبع إماماً نهى عن تقليده واتّباعه ، وأمر الناس بعرض أقواله على كتاب الله وسُنة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمر بطرح كل ما
__________________
(١) أعلام الموقعين ٢ / ٢١١.
(٢) الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء ، ص ١٤٤ ، ١٤٥.
(٣) آداب الشافعي ومناقبه ، ص ٦٨. حلية الاولياء ٩ / ١٠٦ ، ١٠٧. توالي التأسيس ، ص ١٠٧. مناقب الإمام الشافعي ، ص ٣٥٩. أعلام الموقعين ٢ / ٢٨٥. البداية والنهاية ١٠ / ٢٦٥. تذكرة الحفاظ ١ / ٣٦٢. سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥.
(٤) الإحكام في أصول الأحكام ٦ / ٢٩٤. تهذيب التهذيب ١٠ / ٨.