عنهم : قد شاهدت جماعة من مقلّدة الفقهاء ، قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله تعالى في بعض المسائل ، وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات ، فلم يقبلوا تلك الآيات ولم يلتفتوا إليها ، وبقوا ينظرون إليَّ كالمتعجِّب ، يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سَلَفنا وردت على خلافها ، ولو تأمَّلتَ حق التأمَّل وجدتَ هذا الداء سارياً في عروق الأكثرين من أهل الدنيا (١).
وقال السيد سابق في فقه السنة : وقد بلغ الغلو في الثقة بهؤلاء الأئمة حتى قال الكرخي ـ وهو حنفي ـ : كل آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا فهو مؤول أو منسوخ؟! (٢)
وقال ابن حزم : قال بعض من قوي جهله وضعف عقله ورقَّ دينه : إذا اختلف العالمان وتعلَّق أحدهما بحديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو آية ، وأتى الآخر بقول يخالف ذلك الحديث وتلك الآية ، فواجب اتباع من خالف الحديث ، لأننا مأمورون بتوقيرهم (٣).
وعن إبراهيم النخعي قال : لو رأيتهم يتوضؤون إلى الكوعين ما تجاوزتهما وأنا أقرؤها ( إلى المرافق ) (٤).
ومِن تعصّبهم : ما جرَّهم إلى أمور منكرة ومهاترات عجيبة.
ومن ذلك ما ذكره ابن كثير في ترجمة محمد بن موسى بن عبد الله الحنفي ، فقال : ولي قضاء دمشق ، وكان غالياً في مذهب أبي حنيفة ... وكان يقول : لو كانت لي الولاية لأخذت من أصحاب الشافعي الجزية. وكان مبغضاً لأصحاب مالك أيضاً (٥).
__________________
(١) التفسير الكبير ١٦ / ٣٧.
(٢) فقه السنة١ / ١٠.
(٣) الإحكام في أصول الاحكام ٦ / ٢٦٠.
(٤) المصدر السابق ٦ / ٢٦٣.
(٥) البداية والنهاية ١٢ / ١٨٧. لسان الميزان ٥ / ٤٠٢.