ومنها : ما أخرجه أبو داود وابن ماجة في سُننهما ، وأحمد في المسند وغيرهم عن أبي سعيد الخدري ، قال : أخرج مروان المنبر في يوم عيد فبدأ بالخطبة قبل الصلاة ، فقام رجل فقال : يا مروان ، خالفت السنّة ، أخرجت المنبر في يوم عيد ، ولم يكن يُخرَج فيه ، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة ... (١)
قال الزرقاني : في الصحيحين عن ابن عباس : شهدت العيد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكلهم كانوا يصلّون قبل الخطبة.
قال : واختلف في أول من غيَّر ذلك ، ففي مسلم عن طارق بن شهاب : أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان. وفي ابن المنذر بسند صحيح عن الحسن البصري : أول من خطب قبل الصلاة عثمان ، صلّى بالناس ثم خطبهم ، أي على العادة ، فرأى الناس لم يدركوا الصلاة ... فصار يخطب قبل الصلاة ... ويحتمل أن عثمان فعل ذلك أحياناً ، بخلاف مروان فواظب عليه ، فلذا نُسِب إليه.
وقال : وروي عن عمر مثل فعل عثمان ... وهذا إسناد صحيح ... وأخرج الشافعي عن عبد الله بن يزيد نحو حديث ابن عباس ، وزاد : حتى قدم معاوية ، فقدّم الخطبة. وهذا يشير إلى أن مروان إنما فعل ذلك تبعاً لمعاوية ، لأنه كان أمير المدينة من جهته (٢).
وذكر الشوكاني في نيل الأوطار نحو ذلك (٣).
أقول : المتحصّل من كل هذه الروايات أن أول من قدَّم الخطبة يوم العيد
__________________
(١) سنن أبي داود ١ / ٢٩٧. وصححه الألباني في صحيح سنن ابي داود ١ / ٢١١. سنن ابن ماجة ١ / ٤٠٦ ح ١٢٧٥. وصححه الالباني في صحيح سنن ابن ماجة ١ / ٢١٥ ح ١٠٥٣. مسند أحمد بن حنبل ٣ / ١٠ ، ٢٠ ، ٥٢ ، ٥٤ ، ٩٢.
(٢) شرح الزرقاني على موطأ مالك ١ / ٥١٣.
(٣) نيل الأوطار ٣ / ٢٩٤.