( وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ) ، وهو مذهب الشافعي ، وإما أن يسبِّح ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وإما أن يجمع بينهما ، وهو مذهب أبي يوسف وصاحبه. وقال مالك : ليس التوجيه بواجب ولا سُنَّة.
وقد ذهب قوم إلى استحسان سكتات كثيرة في الصلاة ، منها حين يكبّر ، ومنها حين يفرغ من قراءة أم القرآن ، وإذا فرغ من القراءة قبل الركوع ، وممن قال بهذا الشافعي وأبو ثور والأوزاعي ، وأنكر ذلك مالك وأصحابه ، وأبو حنيفة وأصحابه.
واختلفوا في قراءة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في افتتاح القراءة في الصلاة ، فمنع ذلك مالك في الصلاة المكتوبة ، جهراً كانت أو سرّاً ، لا في استفتاح أم القرآن ولا في غيرها من السور ، وأجاز ذلك في النافلة. وقال أبو حنيفة والثوري وأحمد : يقرؤها مع أم القرآن في كل ركعة سرّاً. وقال الشافعي : يقرؤها ، ولا بد في الجهر جهراً ، وفي السر سرّاً ، وهي عنده آية من فاتحة الكتاب ، وبه قال أحمد وأبو ثور وأبو عبيد. واختلف قول الشافعي ، هل هي آية من كل سورة ، أم إنما هي آية من سورة النمل فقط ، ومن فاتحة الكتاب؟ فرُوي عنه القولان جميعاً.
واختلفوا في القراءة الواجبة في الصلاة ، فرأى بعضهم أن الواجب مِن ذلك أم الكتاب لـمَن حفظها ، وأن ما عداها ليس فيه توقيت ، ومِن هؤلاء مَن أوجبها في كل ركعة ، ومنهم من أوجبها في أكثر الصلاة ، ومنهم من أوجبها في نصف الصلاة ، ومنهم من أوجبها في ركعة من الصلاة. وبالأول قال الشافعي ، وهي أشهر الروايات عن مالك ، وقد روي عنه أنه مَن قرأها في ركعتين من الرباعية أجزأتْه. وأما من رأى أنها تجزئ في ركعة ، فمنهم الحسن البصري وكثير من فقهاء البصرة. وأما أبو حنيفة فالواجب عنده إنما هو قراءة أي آية اتفقت أن تقرأ ، وحَدَّ أصحابه في ذلك ثلاث آيات قصار أو آية طويلة مثل آية الدَّيْن. وهذا في الركعتين الأوليين ، وأما في الأخيرتين فيستحب عنده التسبيح فيهما دون القراءة ، وبه قال الكوفيون ، والجمهور يستحبون القراءة فيها كلها.