المحنة.
هذا مع أن هناك منابر دولية يُتمكَّن بها من بيان كل عقيدة وإيضاح كل وظيفة بلا أي محذور ولا خوف ولا ضرر ، وهذا أمر مقدور للكل أو للأغلب ، مع أنَّا لا نرى أحداً من أهل السنة قام به.
٢ ـ مع الإغماض عن كل ذلك وتسليم أن أهل السنة عاجزون عن مبايعة إمام لهم ، فهذا يرفع الإثم والعقاب عنهم ، لأن الله جل شأنه لا يكلف الناس بما لا يطيقون ، أما أن ميتتهم لا تكون بسبب الاضطرار جاهلية فهذا لا نسلّم به ، فإن أهل الفَتْرة ـ الذي عاشوا في الجاهلية وهم لا يعلمون بدين سماوي ، وكانوا مستضعفين في الأرض ، ولا يفقهون من أمرهم إلا ما يتعلق بمعاشهم ـ فإن هؤلاء لا يُعذَّبون ، عملاً بقوله جل شأنه ( وما كنا معذِّبين حتى نبعث رسولاً ) ، مع أنهم لا شك في كونهم ضُلاّلاً ، لأن كل من لم يتّبع الحق ـ وإن كان معذوراً ـ فهو ضال.
وما نحن فيه كذلك ، فإن حديث مسلم نص على أن كل من لم تكن في عنقه بيعة لإمام فميتته جاهلية ، وبإطلاقه يشمل من كان معذوراً لجهل أو اضطرار أو عجز أو غير ذلك.
* * * * *
وعلى ضوء ما تقدّم نقول : إن أهل السنة في جميع البلاد الإسلامية إما أن يكون فيهم من هو أهل للإمامة ، ومتَّصف بالصفات التي ذكروها ، فحينئذ يجب عليهم جميعاً أن يبايعوه إماماً لهم.
وإما أن لا يكون فيهم مَن يتَّصف بالصفات المزبوة ، فالواجب عليهم حينئذ بيعة رجل منهم يكون إماماً على جميع المسلمين ، ولا يجوز ترك المسلمين من دون إمام بَرّ أو فاجر.
هذا ما نصَّ عليه علماؤهم في مصنفاتهم.
وأهل السنة في جميع البلدان لم يبايعوا إماماً لهم ، فهم بأجمعهم أو