٣ ـ قد قلنا فيما تقدم أن الغاية من ذِكر هؤلاء الخلفاء في هذه الأحاديث هي الحث على اتّباعهم والاهتداء بهم ، وحديث الثقلين وغيره من الأحاديث التي سنذكرها في الفصل الثالث قد أوضحت أن الذين يلزم اتّباعهم والاهتداء بهم هم أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، فتكون هذه الأحاديث مبيِّنة للمراد بالخلفاء الاثني عشر في تلك الأحاديث. ولا سيما أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أطلق لفظ ( الخليفة ) على العترة النبوية الطاهرة كما في بعض طرق حديث الثقلين ، حيث قال : إني تارك فيكم خليفتين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض (١).
ولعل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كلهم من قريش » فيه نوع إشارة إلى هؤلاء الخلفاء ، فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لما أراد أن يوضح هؤلاء الأئمة وينص عليهم بأعيانهم حال الضجيج بينه وبين ذلك ، فاكتفى بالإشارة عن صريح العبارة.
وليس من البعيد أن يكون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أوضح هذا الأمر ونص على هؤلاء الأئمة من عترته أو من بني هاشم ، إلا أن يد التحريف عبثت بهذه الأحاديث رعاية لمآرب أعداء آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الحُكَّام وغيرهم.
ويشهد لذلك أنها رُويَت هكذا في بعض كتب القوم ، كما في ينابيع المودة وغيره ، عن جابر بن سمرة ، قال : كنت مع أبي عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فسمعته يقول : بعدي اثنا عشر خليفة. ثم أخفى صوته ، فقلت لأبي : ما الذي أخفى صوته؟ قال : قال : كلهم من بني هاشم (٢).
والحاصل أن صلاح هؤلاء الأئمة ، وحسن سيرتهم ، وطيب سريرتهم ، وأهليتهم للإمامة العظمى والخلافة الكبرى مما لا ينكره إلا مكابر أو متعصب.
أما أهلية الإمام أمير المؤمنين وولديه الحسن والحسين عليهمالسلام للإمامة والخلافة فهي واضحة لا تحتاج إلى بيان ، ومع ذلك فقد أقرَّ بها وبأهلية غيرهم
__________________
(١) سيأتي تخرجه في الفصل الثالث إن شاء الله تعالى.
(٢) ينابيع المودة ٣ / ١٠٤.