وان اعتبرهما الشارع شرطا في رفع المنع ـ تحريما أو كراهة ـ عن بيع ما لم يقبض في خصوص الطعام أو مطلق المكيل والموزون.
فيدفعه ـ مضافا إلى كونه خروجا عن فرض كونهما قبضا في المكيل والموزون ـ : أنه مناف للإجماعات المحكية على جواز البيع بعد القبض فاللازم حمل الصحيحتين ونحوهما على الغالب مما يترتب عليهما من القبض والتسلم.
ومما ذكرنا يظهر ضعف ما استقر به في (المختلف) : من كون القبض في المنقول نقله ، وفي المكيل والموزون ذلك ، أو كيله ووزنه مخيّرا بينهما (١).
واستند في هذا القول الى الجمع بين العرف الذي هو المرجع فيما لا نص فيه من الشرع مؤيدا برواية عقبة بن خالد عن الصادق ـ عليه السلام ـ في رجل اشترى متاعا من آخر ، وواجبه ، غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه ، وقال : آتيك غدا إن شاء الله ، فسرق المتاع : من مال من يكون؟ قال : من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته ، فإذا أخرجه من بيته ، فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله اليه» حيث جعل ـ عليه السلام ـ النقل هو القبض. وبين صحيحة معاوية المتقدمة (٢).
__________________
مخلى من قبل البائع بنحو لم يكن له سلطان عليه بعد أن كان ، ولا ريب أن ذلك المعنى قائم بالمشتري ، فيصح تفسير القبض بما هو فعله بها ، ويكون رفع يد البائع وجميع الموانع عن المبيع من مقدمات حصول التخلية للمشتري بالمعنى المذكور وبالجملة ، فالتخلية بمعناها المصدري من فعل البائع ، وبمعناها الاسم المصدري من فعل المشتري ، فتأمل.
(١) وهذا القول اعتبره المصنف رابع الأقوال الثمانية في مسألة القبض.
(٢) الآنفة الذكر في ص ١٢١.