ولعل التزامه بكون الكيل والوزن قبضا دون أن يكون اعتبارهما لمحض كونهما شرطا في رفع المنع التحريمي أو الكراهي عن بيع المكيل والموزون للتخلص عن لزوم تخصيص الصحيحة بالإجماع الذي حكاه بعد أن ساقها حيث قال : «فجعل ـ عليه السلام ـ الكيل والوزن هو القبض ، لأن الإجماع على تسويغ بيع الطعام بعد قبضه» (١).
هذا ، ومفاد الإجماع المزبور : هو كون القبض مسوغا للبيع ، لا حصر المسوغ به ـ كما هو مفاد ما حكاه جدنا (٢) في (الرياض) حيث قال
__________________
(١) راجع : مختلف الأحكام للعلامة كتاب التجارة ، الفصل السادس عشر في القبض وحكمه. وتمام الموضوع ما نصه : «مسألة ـ قال الشيخ في المبسوط ـ الى قوله ـ : والأقرب ، ان المبيع ان كان منقولا فالقبض فيه هو النقل أو الأخذ باليد ، وان كان مكيلا أو موزونا فقبضه هو ذلك ، أو الكيل أو الوزن ، وان لم يكن منقولا فالقبض فيه : التخلية. لنا : أن العرف يقتضي ما قلناه ، ومن عادة الشرع رد الناس الى ما يتعارفونه من الاصطلاحات فيما لا ينص على مقصوده باللفظ.
ويؤيده : ما رواه عقبة بن خالد عن الصادق ـ عليه السلام ـ في رجل اشترى متاعا من آخر وواجبه ، غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه ، وقال : آتيك غدا إن شاء الله ، فسرق المتاع ، من مال من يكون؟ قال : من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته ، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله اليه» فجعل النقل هو القبض ، لأنه علل زوال الضمان به. ولا خلاف إنه معلل بالقبض ، فكان هو القبض ، وما رواه معاوية بن وهب ـ في الصحيح ـ : قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ : عن الرجل يبيع المبيع قبل أن يقبضه فقال : ما لم يكن كيل أو وزن ، فلا يبعه حتى يكيله أو يزنه ، إلا أن يوليه الذي قام عليه. فجعل ـ عليه السلام ـ : الكيل والوزن هو القبض ، للإجماع على تسويغ بين الطعام بعد قبضه ..».
(٢) صاحب الرياض السيد مير علي الطباطبائي هو جد المصنف لأمه.