وبالجملة ، فالقبض شرط في الخروج عن ضمان المعاوضة في جميع عقود المعاوضات ، فيجري مثل تلف المبيع قبل القبض تلف المنفعة قبله في الإجارة بتلف العين بعد مدتها فتنفسخ الإجارة ـ على المختار ـ وتكون المنفعة مضمونة بقيمتها ـ على القول الآخر ـ اقتصارا فيما خالف الأصل عندهم على مورد الدليل من البيع دون غيره.
وليس من الحكم بذلك : ما لو تلفت العين المستأجرة قبل القبض مع انقضاء مدة لا يمكن فيها الانتفاع ، أو بعده ـ بلا فصل ـ كذلك فان الحكم ببطلان الإجارة في الصورتين مستند الى تعذر التسليم لكون القدرة عليه شرطا في صحة العقد ـ بالاتفاق ـ ولذا اتفقوا على بطلان الإجارة ـ هنا ـ وان اختلفوا في كون مسألة تلف المبيع قبل القبض على القاعدة أو على خلافها.
فمن الغريب توهم بعض الأساطين في استناد حكمهم بالبطلان ـ هنا ـ الى ما ورد في البيع : من الدليل على الانفساخ فيما لو تلف المبيع قبل القبض.
وها نحن نتلو عليك جملة من عباراتهم لكيلا تغفل عن مستند الحكم : قال في (الجواهر) ـ في شرح قول مصنفه : ولو استأجر شيئا فتلف قبل قبضه بطلت الإجارة ما لفظه ـ : «.. بلا خلاف أجده فيه ، كما اعترف به في محكي (التذكرة) لفحوى ما دل عليه في البيع : من النبوي ، وخبر عقبة ، وغيرهما ، بل ظاهر الأصحاب في المقام اتحاد الحكم في المقامين ، وان المنفعة هنا بمنزلة المبيع ، والأجرة بمنزلة الثمن ، ومن هنا يتجه جريان جميع ما تقدم هناك في المقام كالبحث عن تلف الثمن المعين ..» (١)
__________________
(١) راجع : كتاب المتاجر منه ، كتاب الإجارة تحت عنوان شرائط الإجارة الرابع ـ أن تكون المنفعة معلومة ..