__________________
لأنا نقول : إنما يتجه الخيار مع إمكان التسليم وكون تعذره عارضا يمكن زواله كالإباق والسرقة مع رجاء العود. أما مع عدم بقاء صلاحية التسليم للتلف وما هو بمنزلته فلا معنى للخيار مع بطلان العوضية وامتناع الوفاء بما يقتضيه العقد بمدلوله الالتزامي من تسليم ما وقع العقد عليه.
لا يقال : امتناع الوفاء بمقتضى العقد وتسليم ما وقع عليه لا يقتضي البطلان وانفساخ العقد ، إذ يمكن إبقاء صحته بدفع مثل التالف أو قيمته وأخذ بدله المسمى في العقد ، فتبقى المعاوضة ولا تنفسخ.
لأنا نقول : لو كان الالتزام الضمني والمدلول الالتزامي لعقد المعاوضة هو بدلية أحد العوضين خارجا عن الآخر على تقدير بقائه وأما مع تلفه فما يكون بدلا عن المسمى مثل التالف أو قيمته لاتجه ذلك ، وأمكن إبقاء صحته ، ولكنه واضح البطلان ، فإن الذي يقتضيه عقد المعاوضة بدلية أحدهما عن الآخر بدلية مطلقة ، فمع خروج المعوض عن قابلية البدلية لتلفه أو ما هو بمنزلته لا بد من خروج العوض عن مالك المعوض ، ودخوله في ملك مالكه الأصلي لاقتضاء المعاوضة ذلك.
هذا ، إذا كان عدم إمكان تسليم ما انتقل منه الى من انتقل اليه لتلفه أو ما هو بمنزلته بأن كان التلف بلا اختيار من الضامن. وأما إذا كان باختيار منه بإتلافه أو ما بحكمه من إذهاب ماليته فإنه لا موجب للانفساخ بذلك والضمان المعاوضي الذي يقتضيه عقد المعاوضة لا يوجبه بل يختص بالتلف ونحوه ، فان اللزوم المستفاد من آية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ليس مفاده محض تكليف المتعاقدين بلزوم تسليم ما وقع العقد عليه لمالكه بالعقد وحرمة إتلافه عليه ، بل مفاد ذلك نفوذ العقد عليهما وسلب سلطنة كل منهما على حله وإبطاله ، بمعنى عدم تأثير ما يختاره من إنشاء فسخ العقد