ليس من البعيد ـ إن قبلنا الفكرة القائلة : إنّ وراء الالفاظ لُبّاً قد قصده المتعاقدان ، والاعتبار باللب ـ أن يكون البيعان روحهما هو القرض الربوي ، وقد توصّلا إليه بهذا الثوب من المعاملة ، إذ القرض هو تمليك مع الضمان ، وهو حاصل من المعاملتين فلا يجوز فيه الزيادة ، لأنّ أدلّة حرمة ربا القرض تشمله.
هذا كلّه راجع الى بيع العينة بالمعنى المتقدّم الذي حرّمته الروايات من الطرفين ، ولكن أي ارتباط بينه وبين ما نحن فيه ؟
نقول : لا يوجد أي ارتباط ، وذلك لأنّ بيع العينة ـ كما تقدّم ـ هو إرجاع سلعة الرجل الى نفسه ، وحصوله على نقد على أن يُرجع أكثر منه ، حيث ذكروا في تسمية عقد العينة ما حاصله (١) :
١ ـ إنّ المشتري يأخذ بدل سلعته عيناً ( أي عقداً حاضراً ).
٢ ـ إنّ البائع يعود إليه عين ماله بعد أن باعه.
أمّا ما نحن فيه فليس كذلك ، لأنّ البنك يشتري السلعة من جهة معينة ثم يبيعها الى جهة ثالثة ، فليس عندنا عقدين بين اثنين ، وإنّما عندنا عقدان بين ثلاثة أطراف ، وهذا ليس له ارتباط بالقرض ولا بالربا.
نعم ، يوجد شيء مشترك بين المسألتين وهو : الزام البائع والمشتري بالبيع الثاني مرابحةً الذي يقع بين البنك والآمر بالشراء ، كما أن في بيع العينة يوجد الزام ببيع العين ـ التي وقعت في البيع الأول ـ إلى البائع ، لكنّ هذا الشيء المشترك لم يجعل المسألتين من باب واحد فانتبهوا أيّها المسلمون ، فلو أنّني بعت سيارتي الى شخص بشرط بيعها الى اخي إذا اراد المشتري بيعها فهنا يكون المشتري ملزماً ببيعها الى أخي فيما إذا أراد البيع ، إلاّ أنّ هذا الإلزام لم يجعل هذه المسألة من باب بيع العينة.
__________________
(١) نظرية الربا المحرم في الشريعة الإسلامية ، إبراهيم زكي الدين بدوي : ص ٢٠٣.