قبل قبضه (١).
وقد ذكرنا سابقاً : أنّ اعتبار الكيل أو الوزن قبل البيع الثاني ليس لإحراز مقدار البيع ليتم شرط معرفة مقدار المبيع في البيع الثاني ، إذ على هذا لم يكن فرقٌ بين التولية وغيرها ، بينما فرّقت الروايات بين التولية وغيرها ، فأجازت الأول دون الثاني ، ولهذا يتعيّن أن يكون الكيل أو الوزن لجهة القبض قبل البيع الثاني الذي اشترط في بيع المرابحة دون التولية.
هذه هي أهم الأقوال في المسألة.
أقول : أمّا القول الأول الذي يرى عدم جواز بيع المبيع قبل قبضه مطلقاً فهو قول باطل ، وذلك لأنّ أدلّته إن سلّمنا بصحتها (٢) فهي مقيدة أو مفسَّرة في صورة كون المبيع طعاماً أو مكيلاً أو موزوناً ؛ للأدلة الكثيرة التي تقيّد النهي عن النبي صلىاللهعليهوآله بهذه الصورة.
وأما القول الثاني الذي يرى جواز بيع المبيع قبل قبضه مطلقاً ، فأيضاً باطل وذلك للروايات المصرِّحة بالجواز في صورة عدم كون المبيع طعاماً أو مكيلا أو موزوناً.
نعم من قال من الإمامية بجواز بيع المبيع قبل قبضه مطلقاً على كراهةٍ استند إلى الجمع بين الروايات المجوّزة والمانعة ، حيث حمل الروايات المانعة على الكراهة لقرينة الروايات المجوزة.
وهذا وجه غير وجيه بالنظر إلى الصناعة الاُصولية لو كانت الروايات المجوزة
__________________
(١) المغني لابن قدامة : ج ٤ ، ص ٢١٧.
(٢) ويكفي توهيناً للروايات المطلقة هو ما روي عن ابن عباس : أن النبي صلىاللهعليهوآله « نهى عن بيع الطعام قبل قبضه » حيث قال ابن عباس : « ولا أحسبُ كل شيء إلاّ بمنزلة الطعام.
أقول : لو كانت هناك روايات مطلقة في المنع عن بيع السلع قبل قبضها لذكرها ابن عباس واسند المنع اليها ، ولم يقل : ولا أحسبُ كل شيء إلاّ بمنزلة الطعام.