ما يرد على الأسماع قولهم : لم يدع الأوّل للآخر شيئا».
وما أحسن قول حبيب بن أوس الطّائيّ (١) ـ رحمهالله تعالى ـ :
٢ ـ لا زلت من شكري في حلّة |
|
لابسها ذو سلب فاخر |
يقول من تقرع أسماعه |
|
كم ترك الأول للآخر (٢) |
وبالغ المعرّي (٣) في مدح نفسه ؛ حيث قال :
__________________
ـ الحيوان ، البخلاء ، وغيرها. وعاش الجاحظ محبوبا في الأوساط الأدبية ولدى الملوك والأمراء ، وله نوادر كثيرة معهم. وامتد به العمر حيث مات سنة (٢٥٥ ه).
انظر في ترجمته : نزهة الألباء (١٩٢) ، معجم الأدباء (١٦ / ٧٤).
وانظر فيما نقله عنه الشارح : معجم الأدباء في ترجمته ، ونصه : «وممّا قاله الجاحظ : إذا سمعت الرّجل يقول : ما ترك الأوّل للآخر شيئا فاعلم أنّه ما يريد أن يفلح».
وقد نقل هذا ابن جني أيضا عن الجاحظ في كتابه الخصائص : (١ / ١٩٠) طبعة بيروت.
(١) هو أبو تمام الشهير بكنيته الشاعر الأديب ، ولد بقرية جاسم من قرى سوريا سنة (١٨٨ ه) ، ثم رحل إلى مصر ، ثم عاد إلى بغداد ؛ ليمدح المعتصم فأجازه وقدمه على شعراء وقته ، وفي شعره قوة وجزالة ؛ لأنه كان يحفظ الآلاف من أشعار العرب ، وقد جمعها في ديوانه المشهور بالحماسة ، وقد كتبت في سيرته وأخباره كتب كثيرة ، توفي بالموصل سنة (٢٣١ ه). انظر في ترجمته : نزهة الألباء (ص ١٥٥) ، الأعلام (٢ / ١٧٠).
(٢) البيتان من بحر السريع من قصيدة لأبي تمام يمدح بها أبا سعيد محمد بن يوسف الطائي ويستميحه. ديوان أبي تمام (١ / ٣١٥) (دار الكتاب العربي).
والبيت الأول اعتراف بالجميل والثاني يذكر فيه أبو تمام أن ممدوحه عظيم لم يترك لمن بعده شيئا من العظمة. والاستفهام فيه بمعنى النفي ، ومن فيه إما بمعنى الذي أو نكرة موصوفة.
والشاهد : في البيت الثاني في معنى : وهو أنه يجب بعث الهمة والنشاط وطرد اليأس والكسل.
(٣) هو أبو العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان بن داود التنوخي ، ولد بمعرة النعمان سنة (٣٦٣ ه) ، وذهب بصره بعد مولده بأربع سنين ، وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ، ورحل إلى بغداد ولزم منزله إلى أن مات سنة (٤٤٩ ه).
كان أبو العلاء غزير الفضل شائع الذكر ، وافر العلم. ترجم له ياقوت في حوالي نصف جزء من كتابه معجم الأدباء (٣ / ١٠٧) وما بعدها ، اشتهر أبو العلاء في الوسط العلمي بالأدب والشعر ، ولا يعرف الناس عنه أنه كان عالما بالنحو وأن له مؤلفات فيه ، وقد صنفت في أبي العلاء المعري رسالة دكتوراه بكلية اللغة تحت عنوان : النّحو في آثار أبي العلاء المعريّ ، تأليف (د / محمد أبو المكارم قنديل).
أما مصنفاته النحوية فمنها : تعليق الجليس مما يتصل بكتاب الجمل لأبي القاسم الزجاجي ، إسعاف الصديق : ثلاثة أجزاء تتعلق بالجمل أيضا.
كتاب شرح لكتاب سيبويه ، ظهير العضدي ، وهو كتاب في النحو يتصل بالكتاب المعروف بالعضدي لأبي علي الفارسي.