______________________________________________________
ثم ها هنا أبحاث :
الأول :
قال الشيخ : «لا دليل في كلام سيبويه على اشتراط الإفادة والتمثيل بالمفيد لا يلزم منه الاشتراط بل ظاهر كلام سيبويه أنه لا تشترط الإفادة.
قال : وما أظنّ أحدا يمنع قال زيد : النار حارة ، ولا قال زيد : الجزء أقلّ من الكل». انتهى (١).
وهذا الذي ذكره من عدم اشتراط الإفادة خلاف ما يفهم من كلام النحاة ، وقد نقل هو في شرحه حدودا للكلام عن جماعة من أئمة النحو. وكلها مشتمل على ذكر الإفادة (٢).
وأما كلام سيبويه : فقد فهم المصنف منه خلاف ما فهمه الشيخ كما تقدم فليرجح [١ / ١٩] أحد الفهمين بالأدلة الخارجية (٣).
البحث الثاني :
نقل الشيخ عن أبي الحسن بن الضائع (٤) ما معناه : «أنّه لا حاجة إلى ذكر ـ
__________________
(١) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٣٤) ونص سيبويه الذي قامت عليه هذه المعركة هو قوله ـ وقد ذكره الشارح ـ عن مثال : هذا عبد الله معروفا : ولم يكن ليكون كلاما حتّى يبنى عليه أو يبنى على ما قبله.
فهمه أبو حيان : أي حتى يحصل بينهما إسناد فيكون مبتدأ وخبرا. والإسناد أعم من أن يكون مفيدا أو غير مفيد ، والاحتراز إنما هو من المفرد الذي لا يسمى كلاما ؛ لأنه لا إسناد فيه.
وفهمه ابن مالك : على أن الكلام لا يطلق حقيقة إلا على الجمل المفيدة.
(٢) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٣٨ ، ٣٩) وكلها تعريفات لا تخرج عما ذكره ابن مالك منها قوله : «قال ابن هشام : ما قام من مسند ومسند إليه واستقلّ بمعناه». ومنها قوله : «وحدّه الجزولي وتبعه ابن عصفور : الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع».
(٣) الرأي مع أبي حيان ، فلا تشترط الإفادة في كل كلام ؛ بل يكفي أن يكون مركبا وعلى هيئته المفيدة. ثم انظر إلى أبي حيان وهو يسخر من شرط النحاة الإفادة فيقول : «إنّ الكلام إنما طرق سمع الإنسان فاستفاد منه شيئا ، ثم طرقه ثانيا وهو قد علم مضمونه أولا أنه لا يكون كلاما باعتبار المرة الثانية ؛ لأنه لم يفده علم ما لم يكن ؛ فيكون الشيء الواحد كلاما غير كلام ، بحسب إفادة السامع هذا خلف» (التذييل والتكميل ١ / ٣٤ ، ٣٥).
(٤) هو علي بن محمد بن يوسف الكتامي الإشبيلي المعروف بأبي الحسن بن الضائع ، بلغ الغاية في ـ