______________________________________________________
البحث الثالث :
قال الشيخ : «لم أر هذا القيد لأحد من النّحويين غير المصنّف» يعني قوله : لذاته ، قال : «ويمكن منازعته فيه من وجهين :
أحدهما : أنّ الصلة كلام. ويدل عليه اشتراطهم فيها أن تكون جملة خبرية. والخبر أحد أقسام الكلام.
الثاني : منازعته في أن هذه الجملة تضمنت إسنادا مفيدا مقصودا ؛ حتّى يحترز منها بقوله : لذاته ؛ لأن جملة الصلة كجزء من الاسم الموصول ، ولم ينهض أن يكون من قبيل الكلمة ؛ بل هي والموصول قبلها كلمة ، وأما الجملة المضاف إليها فهي في تقدير المفرد ؛ لأنّ معنى قمت حين قاموا : حين قيامهم ، فصورتها صورة ما فيه إسناد والمعنى على التّركيب التّقييدي» ، انتهى (١).
وفي هذه المنازعة نظر : أما أن جملة الصلة شرطها أن تكون خبرية ، والخبر أحد أقسام الكلام ، فمسلّم ، ولكن إنما تعتبر الخبرية قبل جعل الجملة صلة ، وإذا وصل بها صار لها حكم أخر ، كما أن : قام زيد ، كلام تام غير مفتقر ، وإذا دخلت عليه إن الشرطية صار غير تام مفتقرا ، فعلى هذا لا منافاة في قولنا (٢) : شرط جملة الصلة أن تكون خبرية مع أنها حال الوصل بها لا يصدق عليها أنها كلام.
وأما دعواهم أن هذه الجملة لم تتضمن إسنادا مفيدا مقصودا ، فممنوع ، بل قد تضمنت الإسناد المفيد المقصود ، وإنما حكم لها بحكم الجزء من الاسم الموصول [١ / ٢٠] من حيث أنها لا تتقدم عليه ولا يفصل بينها وبينه بالأجنبي. وغير ذلك من الأحكام المذكورة في باب الموصول. والحكم عليها بذلك (٣) لا يخرجها عن أن يكون فيها تركيب إسنادي (٤) ، ولو لا ذلك لما حكم على أفرادها بالإعراب ـ
__________________
(١) انظر التذييل والتكميل.
ومعنى التركيب التقييدي : أنك إذا قلت : قمت حين قاموا ، فمعناه أن قيامك مقيد بوقت قيامهم.
(٢) في النسخ : بين قولنا. وما أثبتناه من عندنا ؛ لأن بين تقتضي شيئين والذي معنا حال.
(٣) أي بالجزئية.
(٤) في جميع النسخ : تركيبا إسناديّا وهو خطأ. والصحيح ما أثبتناه ؛ لأنه اسم كان.