______________________________________________________
ثالثها : أن حذف نون الرفع يؤمن معه حذف نون الوقاية ؛ إذ لا يعرض لها سبب آخر يدعو إلى حذفها ، وحذف نون الوقاية لا يؤمن معه حذف نون الرفع عند الجزم والنصب ، وحذف ما يؤمن بحذفه حذف أولى من حذف ما لا يؤمن بحذفه حذف.
رابعها : لو حذفت نون الوقاية لاحتيج إلى كسر نون الرفع بعد الواو والياء ، وإذا حذفت نون الرفع لم يحتج إلى تغيير ثان ، وتغيير يؤمن معه تغيير أولى من تغيير لا يؤمن معه تغيير (١).
وأما حذفها النادر فهو إذا لم يكن سبب من الأسباب المتقدمة الذكر.
فمن حذفها في النظم قول الراجز :
٦٩ ـ أبيت أسري وتبيتي تدلكي |
|
وجهك بالعنبر والمسك الزّكي (٢) |
ومنه قول أبي طالب (٣) : ـ
__________________
هذه الأمثلة وتلك الروايات. ثم قال : «والصحيح أنّ ذلك جائز سماعا وقياسا : أما القياس فإن النحويين اتّفقوا على جواز ذهاب حركة الإعراب للإدغام.
وأما السّماع فقد قرأ ابن محارب وبعولتهن [البقرة : ٢٢٨] : بإسكان التاء.
وقرأ الحسن : وما يعدهم [الإسراء : ٦٤] : بإسكان الدال. وقرأ مسلمة بن محارب : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ) [الأنفال : ٧] بإسكان الدال ثم قال : «والذي حسّن مجيء هذا التخفيف في حالة السعة شدة اتّصال الضمير بما قبله من حيث كان غير مستقلّ بنفسه ، فصار التّخفيف كأنه واقع من كلمة واحدة كعضد (الضرائر الشعرية : ص ٧٤).
(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ٥٢).
(٢) البيتان : من الرجز المشطور ، وقد ذكرا في مراجع كثيرة غير منسوبين.
اللغة : أسري : من السرى وهو السير ليلا. تدلكي : من الدّلك وهو الدعك باليد.
والشاعر : يقرع امرأته على شقائه وتنعمها.
قال ابن منظور : (لسان العرب مادة دلك): «حذف النّون من تبيتي كما تحذف الحركة للضرورة في قول امرئ القيس (من السريع) : فاليوم أشرب غير مستحقب .. إلخ.
وحذفها من تدلكي أيضا لأنه جعلها بدلا من تبيتي أو حالا قال : وقد يجوز أن يكون في موضع النصب بإضمار أن في غير الجواب كما جاء في بيت الأعشى (من الطويل) :
لنا هضبة لا ينزل الذل وسطها |
|
ويأوي إليها المستجير فيعصما |
والبيت في معجم الشواهد (ص ٥١٥) وفي شرح التسهيل (١ / ٥٣) وفي التذييل والتكميل (١ / ١٩٥).
(٣) عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم من قريش ، والد علي رضياللهعنه وعم النبي صلىاللهعليهوسلم وكافله ومربيه