مع أبيات أخر قال ناظر الجيش : وهذه الأبيات أدلة ظاهرة على المدعى ؛ غير أن المصنف لم ينسب هذا المذهب لبصري ولا كوفي ؛ جريا منه على طريقته المألوفة ، وهي أنه إذا قام الدليل عنده على شيء اتبعه ، ثم إنه قد ينبه على خلاف في ذلك إن كان ، وقد لا يتعرض إلى ذلك ، والجماعة يذكرون أن هذا القول إنما هو قول الفراء ، قال ابن عصفور : ولا يجوز جعل الفعل جوابا للشرط إذا توسط بينه وبين القسم ، فأما قول الأعشى : لئن منيت ... البيت ، وقوله : لئن كان ما حدثته ... البيت ، فاللام في : لئن ينبغي أن تكون زائدة كالتي في قوله : أمسى لمجهودا ، ومن ثم قال أبو حيان : وهذا الذي أجازه ابن مالك هو مذهب الفراء وقد منعه أصحابنا والجمهور ، ثم نقل كلام ابن عصفور.
وأقول : إن ابن عصفور لم يذكر دليلا على امتناع ما ذكره المصنف ؛ بل عمد إلى الأدلة على هذا الحكم فأخرجها عن ظاهرها بغير موجب ، وحكم بزيادة اللام مع إمكان القول بعدم الزيادة ، وبعد ، فلا يخفى على الناظر وجه الصواب ، فالوقوف مع ما ورد عن العرب حيث لا مانع يمنع من الحمل على ظاهر ما ورد عنهم. ا ه. كلام ناظر الجيش» (١).
الغاية من تأليفه :
لقد أوضح لنا ناظر الجيش الغاية من تأليفه لهذا الشرح ، وذلك في مقدمة الكتاب ؛ حيث قال بعد أن أشار إلى كتاب «التسهيل» وأنه جامع مفيد مختصر : وقلّ أن تسمح به القرائح أو تطمح إلى النسج على منواله المطامح ، ثم أشار إلى أن المؤلف قد شرع في شرح هذا الكتاب ؛ إلا أنه لم يكمله ، وأنه تركه مختلّا فاقد التمام ، لا يتوصل إلى حل غير المشروح من أصله إلا بعد إعمال فكر ومراجعة كتب ..
إلى أن قال : «إلى أن أتاح الله تعالى إكمال ذلك على يدي إمام زمانه وعالم أوانه ، وحيد دهره في علم العربية ، وفريد عصره في الفنون الأدبية
__________________
(١) انظر : الخزانة (٤ / ٥٣٦ : ٥٣٧) وانظر : شرح التسهيل لناظر الجيش ، باب عوامل الجزم.