______________________________________________________
وزعم بعض المتأخرين أنه لم يؤت بلفظ التثنية إلا مع الإضافة إلى ضميرها ، وسببه أن ضمير التثنية اسم مفرد في اللفظ ، فكأنه لم يضف إلى مثنى ؛ وهذا مما يقوي اختيار المصنف.
وإذا فرق المضاف إليه كان الإفراد مختارا وإليه أشار بقوله : فإن فرق متضمناهما وذلك كقوله تعالى : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ)(١) وفي حديث زيد بن ثابت (٢) رضياللهعنه : «حتّى شرح الله صدري لما شرح له صدر أبي بكر وعمر رضياللهعنهما» (٣).
قال المصنف : «ولو جيء في مثل هذا بلفظ الجمع أو لفظ التثنية لم يمتنع» (٤).
وفي كلام الشيخ ما يقتضي أن التثنية في مثل هذا مقدمة على الإفراد وعلى الجمع ، وأنها هي القياس ، وأنه يقتصر في الجمع والإفراد على مورد السماع.
قال : «وأما قوله تعالى : (عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) فيحتمل أن يراد باللسان هنا الرسالة أو الكلام لا الجارحة. فلا يكون جزءا من المضاف إليهما ، فلا يتم دليل المصنف» انتهى (٥).
ولا يخفى ما في هذا التخريج من التكلف مع البعد. ـ
__________________
(لَهُما سَوْآتُهُما) وانظر القراءة في : المحتسب لابن جني (١ / ٢٤٣) وإعراب القرآن للنحاس (١ / ١١٩) والبحر المحيط (٤ / ٢٧٩) والهمع (١ / ٥١) والتذييل والتكميل (٢ / ٦٩).
(١) سورة المائدة : ٧٨.
(٢) هو زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي أبو خارجة ، من أكابر الصحابة ، كان كاتب الوحي ، ولد بالمدينة سنة (١١ ه) ونشأ بمكة وقتل أبوه وهو ابن ست سنين ، وهاجر مع النبي عليهالسلام.
كان رأسا بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض ، وكان أحد الذين جمعوا القرآن في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم من الأنصار ، وهو الذي كتبه في المصحف لأبي بكر ثم لعثمان حين جهز المصاحف إلى الأمصار.
ولما توفي قال فيه أبو هريرة : اليوم مات حبر هذه الأمة ، وعسى الله أن يجعل في ابن عباس خلفا له.
روى ٩٢ حديثا وتوفي سنة (٤٥ ه) (الأعلام : ٣ / ٩٥).
(٣) الحديث في صحيح البخاري : (٦ / ٢٢٥) في باب جمع القرآن وفي : (٩ / ٧٤) في كتاب الأحكام. والحديث أيضا في مسند الإمام أحمد بن حنبل : (٥ / ١٨٨).
(٤) انظر نصه في : شرح التسهيل (١ / ١٠٧).
(٥) انظر نصه في : التذييل والتكميل (٢ / ٧٥).