______________________________________________________
حركات في كلمة واحدة ، لا سيما في كلمة تلازمها التاء كملازمتها هذه الثلاثة (١).
ومن العجب اعتذارهم عن تاء التأنيث بأنها في تقدير الانفصال ، وأنها بمنزلة كلمة ثانية مع أنها جزء كلمة مفردة لا يستغنى بها فيحسن السكوت عليها. ولا يستغنى عنها فيقوم غيرها مقامها ، بخلاف تاء فعلت ؛ فإنها جزء كلام تام ، وهي قابلة للاستغناء عنها بغيرها نحو : فعل زيد ، وما فعل إلا أنا ؛ فظهر بهذا ضعف القول بأن سبب سكون لام فعلت خوف توالي أربع حركات.
وإنما سببه تمييز الفاعل من المفعول في نحو : أكرمنا وأكرمنا (٢) ثم سلك بالمتصل بالتاء والنون هذا السبيل لمساواتهما لنا في الرفع والاتصال وعدم الاعتلال» انتهى (٣).
وأما حذف ما قبل الآخر إذا كان معتلّا فأشار إليه بقوله : ويحذف ما قبله من معتلّ ؛ والمراد أنه إن كان ما قبل المسكن للسبب المذكور حرف علة ساكنا حذف لالتقاء الساكنين ثلاثيّا كان الفعل أو غير ثلاثي ، ماضيا كان أو غير ماض (٤). لكن يختص ماضي الثلاثي بأمر آخر غير الحذف المذكور ، وهو تغيير حركة فائه.
وتفصيل القول [١ / ١٤٠] في ذلك : أن حركة العين منه إما مخالفة لحركة الفاء أو موافقة ؛ إن كانت مخالفة لم يفعل أكثر من أن تنقل إلى الفاء بعد إذهاب حركتها ثم يحذف الحرف الذي نقلت حركته وهو العين للعلة المتقدمة. وذلك نحو : خفت وهبت أصلهما : خوف وهيب بكسر العين ؛ لأن مضارعهما يخاف ويهاب ، هذا مثال مخالفة حركة العين لحركة الفاء بكسر.
وأما مخالفتها بضم فمثله المصنف بقوله : جدت جعل أصله جود. ولا يظهر لي ـ
__________________
(١) معناه : لو كان التوالي منفورا عندهم ولا بد من التأنيث ، لأتوا بعلامته الأخرى وهي الألف مقصورة كانت أو ممدودة.
(٢) الأول فعل ماض مسند إلى الفاعل ، وإن ذكرت مفعولا له قلت : أكرمنا محمدا بسكون آخر الفعل.
والثاني ماض أيضا اتصل به نا التي تدل على المفعول ، وإن ذكرت فاعله قلت : أكرمنا محمد بفتح آخر الفعل.
(٣) انظر : شرح التسهيل (١ / ١٢٥). وبعد هذا التعليل الطويل إليك قول أبي حيان : وهذه التعاليل تسويد للورق وتخرس على العرب في موضوعات كلامها ، وكان الأولى أن يضرب صفحا عن هذا كله (التذييل والتكميل : ٢ / ١٤٥).
(٤) يشير بهذا الحديث إلى الفعل الأجوف والتغيرات التي تكون فيه ثلاثيّا كقام وباع ، وغير ثلاثي كانقاد واستقام.